أقول: قد مر خبر في علة ذلك الخوف في إلقاء إبراهيم عليه السلام في النار، (1) وقيل كان لا يلقي العصا إلا بوحي، ولما أبطأ الوحي خاف تفرق بعض الناس قبل أن يؤمر بالالقاء، وقيل: كان خوفه ابتداء على مقتضى الجبلة البشرية.
ثم قال السيد رحمه الله: فإن قيل: فما معنى قوله: " ربنا إنك آتيت فرعون و ملأه " الآية؟ قلنا: أما قوله: " ليضلوا عن سبيلك " ففيه وجوه:
أولها: أنه أراد: لئلا يضلوا فحذف، وهذا له نظائر كثيرة في القرآن وكلام العرب فمن ذلك قوله: " أن تضل إحديهما (2) " وإنما أراد: لئلا تضل، وقوله: " أن تقولوا يوم القيمة (3) " وقوله: " أن تميد بكم (4) " وقال الشاعر:
نزلتم منزل الأضياف منا * فعجلنا القرى أن تشتمونا وثانيها: أن اللام ههنا هي لام العاقبة وليست بلام الغرض كقوله: " ليكون لهم عدوا وحزنا (5) ".
وثالثها: أن يكون مخرج الكلام مخرج النفي والانكار على من زعم أن الله تعالى فعل ذلك ليضلهم.
ورابعها: أن يكون أراد الاستفهام فحذف حرفه المختص به. (6)