أظهره.
وبعد، فإن التجلد على المصائب وكظم الغيظ والحزن من المندوب إليه، وليس بواجب ولا لازم، وقد يعدل الأنبياء عن كثير من المندوبات الشاقة، وأن كانوا يفعلون من ذلك الكثير.
حول الرؤيا التي رآها يوسف (ع):
(مسألة) فإن قيل: كيف لم يتسل يعقوب (ع) ويخفف عنه الحزن ما يحققه من رؤيا ابنه يوسف، ورؤيا الأنبياء (ع) لا تكون إلا صادقة؟.
(الجواب) قيل له في ذلك جوابان: أحدهما أن يوسف (ع) رأى تلك الرؤيا وهو صبي غير نبي ولا موحى إليه، فلا وجه في تلك الحال للقطع على صدقها وصحتها.
والآخر أن أكثر ما في هذا الباب أن يكون يعقوب (ع) قاطعا على بقاء ابنه، وأن الأمر سيؤول فيه إلى ما تضمنته الرؤيا، وهذا لا يوجب نفي الحزن والجزع، لأنا نعلم أن طول المفارقة واستمرار الغيبة يقتضيان الحزن، مع القطع على أن المفارق باق يجوز أن يؤول حال إلى القدوم؟ وقد جزع الأنبياء عليهم السلام ومن جرى مجراهم من المؤمنين المطهرين من مفارقة أولادهم وأحبائهم، مع يقينهم بالالتقاء بهم في الآخرة والحصول معهم في الجنة.
والوجه في ذلك ما ذكرناه.