شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٥
قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر) تحريم الخمر كان ثابتا في جميع الأزمان وفي جميع الملل وما رواه العامة من أن شربها كان حلالا في شرعنا أولا ثم حرم فالظاهر أنه افتراء (وأن يقر لله بالبداء) لأنه من اصول الإيمان بالله القادر المختار. (1) * الأصل:
16 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد قال: سئل العالم (عليه السلام) كيف علم الله؟ قال علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى، فأمضى ما قضى وقضى ما قدر وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشيئة

1 - «لأنه من أصول الإيمان بالله القادر المختار» وذهب بعض علماؤنا إلى أن الإيمان بالبداء يقتضي توجه العباد إلى الله تعالى بالدعاء وطلب التوفيق والمغفرة لأنهم إذا اعتقدوا أن القضاء لا يتغير وأيسوا من الدعاء والإجابة لم يعبدوا الله تعالى ولم يطلبوا منه شيئا، وطريقة الأنبياء دعوة الناس إلى الطلب من الله تعالى كما هو معلوم وذكرنا ما عندنا في ذلك في حواشي الوافي، وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) ثم اعلم: أن الآيات والأخبار تدل على أن الله تعالى خلق لوحين أثبت فيهما ما يحدث من الكائنات أحدهما اللوح المحفوظ والذي لا تغير فيه أصلا وهو مطابق لعلمه تعالى والاخر لوح المحو والإثبات فيثبت فيه شيئا ثم يمحوه لحكم كثيرة لا تخفى على أولى الألباب مثلا يكتب فيه أن عمر زيد خمسون سنة ومعناه أن مقتضى الحكمة أن يكون عمره كذا إذا لم يفعل ما يقتضي طوله أو قصره فإذا وصل الرحم مثلا يمحى الخمسون ويكتب مكانه ستون وإذا قطعها يكتب مكانه أربعون وفي اللوح المحفوظ أنه يصل وعمره ستون، انتهى.
أقول: ولوح المحو والإثبات هو الذي عبر عنه في موضع آخر بالصحف السماوية كما مر ومرجعه إلى تأويل صدر المتألهين وأن البداء ليس في علم الله ولا في اللوح المحفوظ بل في بعض مخلوقاته وسماه لوح المحو والإثبات كما سماه الصدر القوى المنطبعة الفلكية واللوح والقلم على ما ذكره الصدوق في اعتقاداته ملكان من ملائكة الله، فتأويل المجلسي (رحمه الله) يرجع إلى تأويلين أحدهما ما مر وهو عين تأويل الصدوق عليه الرحمة في كتاب التوحيد وهو في معنى انكار البداء والتغير بتا كما سبق، والثاني ما نقلناه هنا وهو عين تأويل صدر المتألهين (قدس سره) ومرجعه إلى الإقرار بالبداء والتغير لكن لا بالنسبة إلى علم الله تعالى بل إلى علم بعض مخلوقاته ولكن الظاهر أن المجلسي (رحمه الله) رأى أنهما تأويل واحد غير متخالف ولا بد من التأمل في ذلك وعلى كل حال فحمل البداء على تأثير الدعاء والصدقات وصلة الرحم حسن جدا لكنه ليس من البداء المصطلح في شيء إذ لا حاجة إلى الالتزام بلوح المحو والإثبات فيه بل إذا اعتقد الإنسان أن القضاء لا يتغير وأن علمه تعالى تعلق بحصول الصحة من المرض وطول العمر والغنى بعد الفقر بعد حصول أسباب طبيعية كشرب الدواء والتجارة والسعي في طلب الرزق أو أسباب روحانية كصلة الرحم والدعاء والتضرع كفى في السعي والطلب وفي الدعاء أيضا وبذلك يجمع بين القول بالقضاء والقدر وبين اختيار العبد وتكليفه بالسعي والعمل لتحصيل معاشه ومعاده من غير أن نلتزم بالبداء المصطلح كما سيجيء إن شاء الله في محله. (ش)
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست