المال في حال الحياة أو علم ذلك تكون تلك الأمانة في يد وصيه أو يد وارثه كما كانت في يده، ويصدقون على الهلاك والدفع إلى صاحبه كما يصدق الميت في حال حياته.
والمسائل الثلاثة المستثناة ذكرها بعد القاعدة في التتمة ناقلا عن واقعات الناطفي، الأمانات تنقلب مضمونة بالموت إذا لم يبين إلا في ثلاث مسائل:
إحداها: متولي الأوقاف إذا مات ولم يعرف حال غلتها الذي أخذ ولم يبين لا ضمان عليه.
الثانية: إذا خرج السلطان إلى الغزو وغنموا فأودع بعض الغنيمة عند بعض الغانمين ومات ولم يبين عند من أودع لا ضمان عليه.
الثالثة: أن أحد (1) المتفاوضين إذا مات وفي يده مال الشركة ا ه. وقد علم ذلك مما قدمناه قريبا. قوله: (وكذا لو خلطها المودع) خلط مجاورة كقمح بقمح أو ممازجة كمائع بمائع.
اعلم أن الخلط على أربعة أوجه:
خلط بطريق المجاورة مع تيسر التمييز كخلط الدراهم البيض بالسود والدراهم بالدنانير والجوز باللوز وأنه لا يقطع حق المالك بالاجماع، ولو هلك قبل التمييز هلك أمانة كما لو هلك قبل الخلط.
وخلط بطريق المجاورة مع تعسر التمييز كخلط الحنطة بالشعير، وذلك يقطع حق المالك ويوجب الضمان في الصحيح، وقيل لا ينقطع حق المالك عن المخلوط بالاجماع هنا ويكون له الخيار. وقيل القياس أن يكون المخلوط ملكا للخالط عند أبي حنيفة، وفي الاستحسان لا يصير.
وخلط الجنس بخلافه ممازجة كخلط الخل بالشيرج وهو دهن السمسم والخل بالزيت وكل مائع بغير جنسه وإنه يوجب انقطاع حق المالك إلى الضمان بالاجماع.
وخلط الجنس بالجنس ممازجة كخلط دهن اللوز بدهن اللوز أو دهن الجوز بدهن الجوز أو اللبن باللبن أو خلط الجنس بالجنس مجاورة كخلط الحنطة بالحنطة أو الشعير بالشعير أو الدراهم البيض بالدراهم البيض أو السود بالسود، فعند أبي حنيفة هو استهلاك مطلقا لا سبيل لصاحبه، إلا تضمين المودع مثله أو قيمته وصار المخلوط ملكا للخالط، ولا يباح له قبل أداء الضمان، ولا سبيل للمالك عليها عند أبي حنيفة، ولو أبرأه سقط حقه من العين والدين وعندهما لا ينقطع ملك المالك عن المخلوط بل له الخيار، إن شاء ضمن الخالط مثله، وإن شاء شاركه في المخلوط بقدر دراهمه، لأنه يمكنه الوصول إلى عين حقه صورة وأمكنه معنى بالقسمة فكان استهلاكا من وجه فيميل إلى أيهما شاء لان القسمة فيما لا تتفاوت آحاده إفراز وتعيين حتى ملك كل واحد من الشريكين أن يأخذ حصته عينا من غير قضاء ولا رضا، فكان إمكان الوصول إلى عين حقه قائما معنى فيخير. وله أنه استهلاك من كل وجه لأنه فعل يتعذر معه الوصول إلى عين حقه ولا يكون الاستهلاك من العباد أكثر من ذلك، لان إعدام المحل لا يدخل تحت قدرتهم فيصير ضامنا زيلعي ومسكين. وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه جعل الأقل تابعا للأكثر. وقال محمد رحمه الله تعالى: يشاركه بكل حال، وكذلك أبو يوسف رحمه الله تعالى في كل مائع خلطه بجنسه يعتبر الأكثر وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول بانقطاع حق