وفي الخلاصة: أنه إذا علم أن وقع الحريق في بيته قبل قوله، وإلا فلا. ويمكن حمل كلام الهداية على ما إذا لم يعلم وقوع الحريق في بيته وبه يحصل التوفيق، والذي أحوجه إلى ذلك حمل كلام صاحب الهداية والزيلعي قولهما لا يصدق على ذلك: أي على تسليم الوديعة، ولو حمل لا يصدق على ذلك: أي على وقوع الحرق أو الغرق بدليل قولهما ودعوى الضرورة الخ فإن الضرورة إنما هي في الحرق والغرق لا في التسليم لا تحدث مع عبارة الخلاصة. تأمل. قوله: (فلو لحملها إليه لم يضمن) لان مؤنة الرد على المالك. حموي. وإنما الضمان بمنع التخلية بينه وبين الوديعة بعد الطلب، أما لو كلفه حملها وردها إليه فامتنع عن ذلك لم يضمن لأنه لا يلزمه سوى التخلية، فلو كان طلب المودع بكسر الدال بحملها إليه فامتنع المودع من ذلك لم يضمن، هكذا صريح عبارة ابن ملك المنقول عنه.
وأما ما وقع في نسخة الشيخ أبي الطيب فإنه تحريف. والنسخة التي كتب عليها فلو حملها إليه: أي لو حمل المودع الوديعة إلى ربها: يعني لو طلب استردادها من المودع فحملها إليه لم يضمن لان حملها إليه يخرجه عن المنع.
وفي القهستاني: لو استردها فقال لم أقدر أحضر هذه الساعة فتركها فهلكت لم يضمن لأنه بالترك صار مودعا ابتداء ا ه.
وعزاه إلى المحيط. وفي البحر: إن تركها عن رضا وذهب لا يضمن، وإن كان من غير رضا يضمن. كذا في الخلاصة: ولو قال له بعد طلبه اطلبها ثم ادعى ضياعها: فإن قال ضاعت بعد الاقرار فلا ضمان، وإلا ضمن. قوله: (ولو حكما كوكيله بخلاف رسوله) سوى في التجنيس بين الوكيل والرسول وقال: إذا منعها عنها لا يضمن. وفي العمادية ذكر الضمان في المنع من الرسول فالمسألة ذات خلاف فيهما، واقتصار المصنف على ما ذكره يدل على اعتماده، وقد نقله القهستاني عن المضمرات.
وفي الخلاصة: المالك إذا طلب الوديعة فقال المودع لا يمكنني أن أحضر الساعة فتركها وذهب:
إن تركها عن رضا فهلكت لا يضمن، لأنه لما ذهب فقد أنشأ الوديعة، وإن كان عن غير رضا يضمن، ولو كان الذي يطلب الوديعة وكيل المالك يضمن لأنه ليس إنشاء للوديعة، بخلاف المالك انتهى. وهذا صريح في أنه يضمن بعدم الدفع إلى وكيل المالك كما لا يخفى، وهو خلاف ما تقدم في كتاب الوكالة في باب الوكالة بالخصومة.
ونصه: قال إني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بالدفع إليه على المشهور الخ. وكتب سيدي الوالد رحمه الله تعالى أن مقابل المشهور ما عن أبي يوسف ومحمد أنه يؤمر بالدفع، فلعل ما هنا على هذه الرواية.
وفي مجموعة مؤيد زاده: ولو قال إني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بتسليم الوديعة إليه لأنه مأمور بالحفظ فقط، ثم قال قد جاء رسولك فدفعتها إليه وكذبه المالك ضمنها، ولا يرجع بما ضمن على الرسول إن صدقه في كونه رسوله ولم يشترط عليه الرجوع، وإن كذبه ودفع إليه أو لم يصدقه ولم يكذبه يرجع على الرسول، وكذلك إن صدقه وشرط عليه الرجوع كما في الوجيز. ثم قال: ولو دفعها إلى رسول المودع فأنكر المودع الرسالة ضمن ا ه.