سيجئ) أي فيما يدعيه الرجلان، والأولى ذكر هذه المسألة في مقامها. قوله: (وقضى القاضي الخ) أي قضى عليه بما ادعاه المدعي، وأفاد أن النكول لا يوجب شيئا إلا إذا اتصل به القضاء وبدونه لا يوجب شيئا وهو بذل على مذهب الامام، وإقرار على مذهب صاحبيه وحيث لم يقدم على اليمين دل على أنه بذل الحق أو أقر، وإذا بذل أو أقر وجب على القاضي الحكم به، فكذا إذا نكل. قوله:
(حقيقة) الأولى ذكره بعد قوله مرة لان المتصف بكونه حقيقة وحكما أو صريحا ودلالة إنما هو النكول كما في العيني. قوله: (أو حكما كأن سكت).
أقول: تقدم أنه منكرا على قولهما، وعلى قول أبي يوسف يحبس إلى أن يجيب، ولكن الأول فيما إذا لزم السكوت ابتداء ولم يجب على الدعوى بجواب، وهذا فيما إذا أجاب بالانكار ثم لزم السكوت تأمل. كذا أفاده الخير الرملي. ومفاد ذكر المصنف للحكمي بالسكوت تصحيح لقولهما أيضا منقول عن السراج، كما تقدم اقتضاء تصحيحه عن البحر بعد أن أفتى بخلافه. قوله: (من غير آفة) أما إذا كان بها فهو عذر كما في الاختيار، ويأتي قريبا بيانه. قوله: (كخرس) وآفة باللسان تمنع الكلام أصلا. قوله: (وطرش) يقال طرش يطرش طرشا من باب علم: أي صار أطروشا، وهو الأصم.
قوله: (في الصحيح) أي على قول الثاني الذي عليه الفتوى كما تقدم. وقيل إذا سكت يحبسه حتى يجيب، وأما إذا كان به آفة الخرس فإنه إما أن يحسن الكتابة، أو يسمع أو لا يحسن شيئا، فإذا لم يسمع وله إشارة معروفة فإشارته كالبيان، وإن كان مع ذلك أعمى نصب القاضي له وصيا، ويأمر المدعي بالخصومة معه إن لم يكن له أب أو جد أو وصيهما، وإذا كان يسمع يقول له القاضي عليك عهد الله وميثاقه إن كان كذا، فإن أومأ برأسه أن نعم فإنه يصير حالفا في هذا الوجه، ولا يقول له بالله إن كان كذا لأنه إن أشار برأسه أن نعم لا يصير حالفا بهذا الوجه بل مقرا كما في شرح الوهبانية. قوله:
(وعرض) مبتدأ خبره قوله ثم القضاء. قوله: (أحوط) أي على وجه الندب، وإنما لم يعرج عليه المصنف لأنه غير ظاهر الرواية. قال في الكافي: ينبغي للقاضي أن يقول إني أعرض عليك اليمين ثلاث مرات فإن حلفت وإلا قضيت عليك بما ادعى، وهذا الانذار لاعلامه بالحكم إذ هو مجتهد فيه فكأنه مظنة الخفاء ا ه. وعن أبي يوسف ومحمد: أن التكرار حتم حتى لو قضى القاضي بالنكول مرة لا ينفذ، والصحيح أنه ينفذ وهو نظير إمهال المرتد كما في التبيين.
قال القهستاني: لو كان مع الخصم بينة ولم يذكرها، وطلب يمين المنكر يحل له إن ظن أنه ينكل.
وأما إذا ظن أنه يحلف كاذبا لم يعذر في التحليف ثم على الأحوط، ذكر في الخانية ولو أن القاضي عرض عليه اليمين فأبى، ثم قال قبل القاضي أنا أحلف بحلفه ولا يقضي عليه بشئ، وهذا الأحوط جعله صدر الشريعة متنا. فتنبه. لكن جعله ابن ملك مستحبا في موضع الخفاء ويترجح ما في الخانية بكون المتن منع الحلف بعد القضاء فافهم أنه قبله لا يمنع منه. قوله: (وهل يشترط) الأولى وهل يفترض. قوله: (على فور النكول خلاف) أي فيه خلاف، ولم يبين الفور بماذا يكون. حموي.
قال ط: قلت: هو ظاهر، وهو أن يقضي عقبه من غير تراخ قبل تكراره أو بعده على القولين.