تشترط في الكتب، وهو أن يقضي القاضي عليه بإقراره إذ بمجرد الاقرار لا يحل الدين في نصيبه، بل يحل بقضاء القاضي، ويظهر ذلك بمسألة ذكرها في الزيادات، وهي أن أحد الورثة إذا أقر بالدين ثم شهد هو ورجل أن الدين كان على الميت فإنها تقبل وتسمع شهادة هذا المقر إذا لم يقض عليه القاضي بإقراره، فلو كان الدين يحل في نصيبه بمجرد إقراره لزم أن لا تقبل فيها لما فيه من الغرم.
قال صاحب الزيادات: وينبغي أن تحفظ هذه الزيادة فإن فيها فائدة عظيمة. كذا في العمادية.
لكن يشكل على هذا أن إقرار الانسان حجة في حق نفسه والقضاء فيه مظهر لا مثبت كما ذكروا، وأيضا فإن المال يلزمه بمجرد الاقرار، والقضاء إنما يحتاج في البينة، إذ لا يتهم المرء فيما أقر به على نفسه، ولهذا لو أقر بمعين لانسان ثم أقر به لآخر كان للأول ولا شئ للثاني، على أنه يكون حينئذ في عرضية أن يقضي عليه فلزم رد شهادته، كما ترد شهادة أهل قرية وجد فيها قتيل وقد ادعى وليه القتل على بعضهم، فلو جعلوا هذا الفرع مخرجا على قول الفقيه لكان ظاهرا لأنه لم يدفع بهذه الشهادة مغرما عن نفسه، تأمل. قوله: (أشهد على ألف الخ) نقل المصنف في المنح عن الخانية روايتين عن الامام ليس ما في المتن واحدة منهما. إحداهما: أن يلزمه المالان إن أشهد في المجلس. الثاني: عين الشاهدين الأولين، وإن أشهد غيرهما كان المال واحدا، وأخراهما أنه إن أشهد على كل إقرار شاهدين يلزمه المالان جميعا، سواء أشهد على إقراره الثاني الأولين أو غيرهما ا ه. فلزوم المالين إن أشهد في مجلس آخرين ليس واحدا مما ذكر، ونقل في الدرر عن الامام الأولى، وأبدل الثانية بما ذكره المصنف متابعة له، واعترضه في العزمية بما ذكرنا، وإنه ابتداع قول ثالث غير مسند إلى أحد ولا مسطور في الكتب. تأمل. قوله: (في مجلس آخر) بخلاف ما لو أشهد أولا واحدا وثانيا آخر في موطن أو موطنين فالمال واحد اتفاقا، وكذا لو أشهد على الأول واحدا وعلى الثاني أكثر في مجلس آخر فالمال واحد عندهما، وكذا عنده على الظاهر. منح. قوله: (لزم المالان) اعلم أن تكرار الاقرار لا يخلو إما أن يكون مقيدا بسبب، أو مطلقا، والأول على وجهين: إما بسبب متحد فيلزم مال واحد وإن اختلف المجلس، أو بسبب مختلف فمالان مطلقا، وإن كان مطلقا إما بصك أو لا، والأول على وجهين: إما بصك واحد فالمال واحد مطلقا، أو بصكين فمالان مطلقا وأما الثاني: فإن كان الاقرار في موطن واحد يلزم مالان عنده وواحد عندهما. وإن كان في موطنين فإن أشهد على الثاني شهود الأول فمثال واحد عنده، إلا أن يقول المطلوب هما مالان، وإن أشهد غيرهما فمالان. وفي موضع آخر عنه على عكس ذلك، وهو إن اتحد الشهود فمالان عنده، وإلا فواجد عندهما.
وأما عنده فاختلف المشايخ منهم من قال: القياس على قوله مالان. وفي الاستحسان مال واحد، وإليه ذهب السرخسي.
ومنهم من قال على قول الكرخي: مالان، وعلى قول الطحاوي: واحد، وإليه ذهب شيخ الاسلام ا ه. ملخصا من التتارخانية. وكل ذلك مفهوم من الشرح، وبه ظهر أنا ما في المتن رواية منقولة، وأن اعتراض الغرمية على الدرر مردود حيث جعله قولا مبتدعا غير مسطور في الكتب مستندا إلى أنه في الخانية حكى في المسألة روايتين.