لآبائهم، ومدعي النسب أب لان دعوته لا تحتمل النقض فتعارضت الآيتان، وكفر الآباء جحود والأصل عدمه، ألا ترى إلى انتشار الاسلام بعد الكفر في الآفاق. وأما الحضانة فتركها لا يلزم منه رق ا ه. بخلاف ترك النسب هنا فإن المصير بعده إلى الرق وهو ضرر عظيم لا محالة ا ه.
أقول: لكن بعد استدراك الشارح الآتي عن ابن كمال بأنه يكون مسلما فلا إشكال، وإن اعترض عليه فإنك ستسمع الاعتراض والجواب. قال في شرح الملتقى: وهذا إذا ادعياه معا، فلو سبق دعوى المسلم كان عبدا له، ولو ادعيا البنوة كان ابنا للمسلم إذ القضاء بنسبه من المسلم قضاء بإسلامه. قوله: (لكن جزم ابن الكمال بأنه يكون مسلما) أي تبعا للدار وابنا للكافر بالدعوة كما صرح به فيه، لان حكمه حكم دار الاسلام، وفيه أنه لا عبرة للدار مع وجود أحد الأبوين ح.
قلت: يخالفه ما ذكروا في اللقيط لو ادعاه ذمي يثبت نسبه منه وهو مسلم تبعا للدار، وتقدم في كتابه عن الولوالجية: ولا يقال إن تبعية الدار إنما تكون عند فقد الأبوين لان تبعيته قبل ثبوت أن الذمي أب له حيث كان في يد المسلم والكافر يتنازعان فيه، وهو قول في غاية الحسن وإن كان مخالفا الظاهر. تعليل الهداية وغيرها فليتبصر. قوله: (قال زوج امرأة لصبي معهما) أي في يدهما احترز به عما لو كان في يد أحدهما.
قال في التتارخانية: وإن كان الولد في يد الزوج أو يد المرأة فالقول للزوج فيهما، وقيد بإسناد كل منهما الولد إلى غير صاحبه، لما فيها أيضا عن المنتقى: صبي في يد رجل وامرأة قالت المرأة هذا ابني من هذا الرجل وقال ابني من غيرها يكون ابن الرجل ولا يكون للمرأة، فإن جاءت بامرأة شهدت على ولادتها إياه كان ابنها منه وكانت زوجته بهذه الشهادة، وإن كان في يده وادعاه وادعت امرأته أنه ابنها منه وشهدت امرأة على الولادة لا يكون ابنها منه بل ابنه لأنه في يده، واحترز عما فيها أيضا: صبي في يد رجل لا يدعيه أقامت امرأة أنه ابنها ولدته ولم تسم أباه وأقام رجل أنه ولد في فراشه ولم يسم أمه يجعل ابنه من هذه المرأة ولا يعتبر الترجيح باليد، كما لو ادعها رجلان وهو في يد أحدهما فإنه يقضي لذي اليد. قوله: (فهو ابنهما) لان كل واحد منهما أقر للولد بالنسب وادعى ما يبطل حق صاحبه ولا رجحان لأحدهما على الآخر لاستواء أيديهما فيه فيكون ابنهما، هذا إذا كان لا يعبر عن نفسه وإلا فهو لمن صدقه. عيني. قوله: (إن ادعيا) هذا إذا كان النكاح بينهما ظاهرا، وإن لم يكن ظاهرا بينهما يقضي بالنكاح بينهما. هندية عن شرح الطحاوي. قوله: (وإلا ففيه تفصيل ابن كمال) حيث قال: وإلا فعلى التفصيل الذي في شرح الطحاوي ولم يبين ذلك التفصيل، وظاهر إطلاق المتون والشروح أنه لا فرق بين أن يدعيا معا أو متعاقبا وهي الموضوعة لنقل المذهب فليكن العمل عليها، ولأن ما يدعيه أحدهما غير ما يدعيه الآخر إذ هو يدعي أبوته وهي تدعي الأمومة، ولا ينافي إحدى الدعوتين الأخرى، غير أن كلا يكذب صاحبه في حق لا يدعيه لنفسه فيلغو قوله ولا يعتبر السبق فيه، والله تعالى أعلم.
قال في الهندية: ولو ادعى الزوج أولا أنه ابنه من غيرها وهو في يديه يثبت النسب من غيرها،