منه قيل يأمره بإقامته البينة على موافقة دعواه لاحضار خصمه والمستور في هذا يكفي، فإذا أقام يأمر إنسانا ليحضر خصمه. وقيل يحلفه القاضي، فإن نكل أقامه عن مجلسه، وإن حلف أمر بإحضاره. ا ه.
قال قاضيخان: فإذا أقام البينة قبلت بينته للأشخاص لا للقضاء ا ه: أي بل لاحضاره، فإذا حضر أعاد البينة ثانيا، فإن عدلت قضى عليه كما في شرح أدب القاضي.
قال الشلبي: وعمل قضاة زماننا على خلاف ما تقدم، فإذا أتى لهم شخص فقال لي دعوى على شخص يأمرون بإحضاره من غير أن يستفسروا المدعي عن دعواه ليعلموا صحتها من فسادها، وهذا منهم غفلة عما ذكروه أو جهل به. ا ه.
وفي خزانة الأكمل: قال أبو يوسف: لو اختفى المدعى عليه في البيت بعث إليه القاضي نساء وأمرهن بدخول داره، فإن عرفنه، وإلا عزل النساء في بيت ثم يدخل الرجال فيفتشون بقية الدار، قال هشام لمحمد: ما تقول في رجل له حق على ذي سلطان فلم يجئ معه إلى مجلس القاضي؟ فأخبرني أن أبا يوسف كان يعمل بالأعداء وهو قول أهل البصرة وبه نأخذ. والأعداء أن يبعث القاضي إلى بابه من يأتيه به، بأن يقول له إن القاضي يدعوك إلى مجلس الحكم، فإن أجابه فبها، وإلا جعل القاضي وكيلا عنه. ولا يأخذ أبو حنيفة بالأعداء ا ه.
قال في البحر: ولم يذكر الشارحون هنا حكم استيفاء ذي الحق حقه من الغير بلا قضاء ، وأحببت جمعه من مواضعه تكثرا للفوائد وتيسيرا على طالبيها، فإن كان الحق حد قذف فلا يستوفيه بنفسه لان فيه حق الله تعالى اتفاقا. والأصح أن الغالب فيه حقه تعالى، فلا يستوفيه إلا من يقيم الحدود ولكن يطلب المقذوف كما بيناه في بابه، وإن كان قصاصا فقال في جنايات البزازية: قتل الرجل عمدا وله ولي له أن يقتص بالسيف فقضى به أولا ويضرب علاوته، ولو رام قتله بغير سيف منع، وإن فعل عزر لكن لا يضمن لاستيفائه حقه ا ه. وإن كان تعزيرا ففي حدود القنية: ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب أيضا أنهما يعزران، ويبدأ بإقامة التعزير بالبادئ منهما لأنه أظلم والوجوب عليه أسبق ا ه. وأما إذا شتمه فله أن يقول له مثله، والأولى تركه كما قدمناه في محله، بخلاف ما إذا قذفه فلا يجوز له أن يقول له مثله كما إذا قال له يا كلب لأنه كذب محض.
وقالوا: للزوج أن يؤدب زوجته، وله أن يضربها على عدم إجابته إذا دعاها لفراشه ولا مانع، وعلى ترك الزينة وهو يريدها، وعلى ضربها ولده، وعلى خروجها بغير إذنه بغير حق، وعلى صعودها على السلط لتطل على الجيران أو يراها الأجانب، وحينئذ فله أن يقفل عليها الباب. والصحيح أنه لا يضربها على ترك الصلاة كما مر في موضعه مفصلا.
وفي جامع الفصولين من التحليف: ومن عليه التعزير لو مكن صاحب الحق منه أقامه: يعني لم يختص الامام بإقامته، فإن الزوج يؤدب المرأة ولو رأى أحدا يفعل ذلك فله أن يمنعه ويضربه لو لم ينزجر بالمنع باللسان، ولو كان حقه تعالى لانعكست هذه الأحكام ا ه. وإن كان عينا. ففي إجارة القنية: ولو غاب المستأجر بعد السنة ولم يسلم المفتاح إلى الآجر فله أن يتخذ مفتاحا آخر، ولو أجره من غير إذن الحاكم جاز ا ه.