غصبته منه) المراد أم المدعي ادعى ملكا مطلقا في العين ولم يدع فعلا. وحاصل جواب المدعي عليه أنه ادعى أن يده يد أمانة أو مضمونة والملك لغيره. قوله: (وبرهن عليه) مراده بالبرهان: أي بعد إقامة المدعي البرهان على مدعاه، لأنه لما ادعى الملك أنكره المدعي عليه فطلب منه البرهان، ولم يقض للقاضي به حتى دفعه المدعي عليه بما ذكرنا وبرهن على الدفع، ولا بد من ذلك، حتى لو قضي للمدعى لم يسمع برهان ذي اليد كما في البحر. لكن قدمنا عن نور العين معزيا للذخيرة أن المختار خلافه، وهو أنه كما يصح الدفع قبل الحكم يصح بعده أيضا فلا تنسه، وقد يجاب بأنه إذا لم يدع الايداع أو ادعاه ولم يبرهن عليه لم يظهر أن يده ليست يد خصومة فتوجهت عليه دعوى الخارج، وصح الحكم بها بعد إقامة البينة على الملك لأنها قامت على خصم، ثم إذا أراد المدعي عليه أن يثبت الايداع لا يمكنه، لأنه صار أجنبيا يريد إثبات الملك الغائب وإيداعه، فلم تتضمن دعواه إبطال القضاء السابق، والدفع إنما يصح إذا كان فيه برهان على إبطال القضاء، ولما لم يقبل برهانه ولا دعواه لما قلنا لم يظهر بطلان القضاء، وعلى هذا لا نرد المسألة وعلى القول المختار، فليتأمل.
قال في نور العين: ادعى ملكا مطلقا فقال المدعي عليه اشتريته منك فقال المدعي قد أقلت البيع فلو قال الآخر إنك أقررت أني ما اشتريته يسمع إذا ثبتت العدالة، إذ ويصح الدفع قبل إقامة البينة وبعدها وقبل الحكم وبعده، ودفع الدفع وإن كثر صحيح في المختار، حتى لو برهن عل مال وحكم له فبرهن خصمه أن المدعي أقر قبل الحكم أنه ليس عليه بطل الحكم.
قال صاحب جامع الفصولين: أقول: ينبغي أن لا يبطل الحكم لو أمكن التوفيق بحدوثه بعد إقراره على ما سيأتي قريبا في فش أنه لم يبطل الحكم الجائز بشك.
يقول الحقير: قوله: ينبغي محل نظر، لان ما في ذلك بناء على اختيار اشتراط التوفيق، وعدم الاكتفاء بمجرد إمكان التوفيق كما مر مرارا، فقط متقدمو مشايخنا جوزوا دفع الدفع، وبعض متأخريهم على أنه لا يصح، وقيل يصح ما لم يظهر احتيال وتلبيس.
فش: حكم له بمال ثم رفعه إلى قاض آخر جاء المدعي عليه بالدفع يسمع ويبطل حكم الأول، وفيه: لو أتى بالدفع بعد الحكم في بعض المواضع لا يقبل نحو أن يبرهن بعد الحكم أن المدعي أقر قبل الدعوى أنه لا حق له في الدار لا يبطل الحكم لجواز التوفيق بأنه شراه بخيار فلم يملكه في ذلك الزمان، ثم مضى وقتا الحكم فملكه، فلما احتمل هذا لم يبطل الحكم الجائز بشك، ولو برهن قبل الحكم يقبل ولا يحكم، إذ الشك يدفع الحكم ولا يرفعه.
يقول الحقير: الظاهر أنه لو برهن قبل الحكم فيما لم يكن التوفيق خفيا ينبغي أن لا يقبل، ويحكم على مذب من جعل إمكان التوفيق كافيا إذ لا شك حينئذ لان إمكانه كتصريحه عندهم، والله تعالى أعلم. ا. ه.
ثم نقل عن البزازية المقتضي عليه: لا تسمع دعواه بعده فيه إلا أن يبرهن على إبطال القضاء بأن ادعى دارا بالإرث وبرهن وقضى ثمن ادعى المقضي عليه الشراء من مورث أو ادعى الخارج الشراء من فلان وبرهن المدعى عليه من شرائه من فلان أو من المدعي قبله أو يقضي عليه بالدابة فبرهن على نتاجها عنده. اه.