لان أمر القاضي بالدفع لم يصح. كذا في التبيين عن التيسر. لكن قال في جامع الفصولين في بحث أحكام الوكلاء: وفرق بينه وبين الوكيل بوجهين:
أحدهما: أن للقاضي ولاية نصب الوصي، فلو قضى بدفعه يكون إقراره مؤديا إلى إسقاط حق الغير وهو براءة ذمته بدفعه إليه، بخلاف الوكالة إذ القاضي لا يملك نصب الوكيل.
والثاني: أنه لو قضى له بدفعه إليه يصير وصيا في جميع المال بخلاف الوكيل. اه. قوله: (ما لم يبرهن) وعليه فإذا برهن الوكيل بقبض الوديعة يؤمر الوديع بدفعها له كما تفيده مسألة الوصي. قوله:
(ودعوى الايصاء كوكالة) فإذا صدقه ذو اليد لم يؤمر بالدفع إليه إذا كان عينا إلى آخر ما قدمنا. قوله:
(فدفع إلى بعض الورثة) أي جميع ما عليه. قوله: (ولو وكله بقبض مال) أي كان له على غريمه.
قوله: (أو إقراره) أي الموكل بأنه ملكي.
قال في جامع الفصولين: ادعى أرضا وكالة أنه ملك موكلي فبرهن فقال ذو اليد إنه ملكي وموكلك أقر به: فلو لم يكن له بينة فله أن يحلف الموكل لا وكيله، فموكله لو غائبا فللقاضي أن يحكم به لموكله، فلو حضر الموكل وحلف أنه لم يقر له بقي الحكم على حاله، ولو نكل بطل الحكم ا ه. وبه يظهر ما في كلام الشارح من قوله ولو عقارا مع قوله ما لم يبرهن لأنه وإن برهن في العين يدفعها كما مر ويأتي، ولم يذكر حكم ما إذا نكل الطالب عن اليمين وحكم ما إذا برهن المديون على الايفاء.
وفي جامع الفصولين: وإن نكل عن اليمين لزمه المال دون الوكيل، فإن كان المال عند الوكيل، فلا سبيل له عليه، إنما هذا مال الطالب الأول وقد قامت البينة على القضاء، فإن شاء أخذ به الموكل وإن شاء أخذ المال من الوكيل إن كان قائما، فإن قال الوكيل قد دفعته إلى الموكل وهلك مني فالقول قوله مع يمينه، وإن قال أمرني فدفعته إلى وكيل له أو غريم له أو وهبه لي أو قضى لي من حق كان لي عليه لم يصدق وضمن المال ا ه. قال الخير الرملي: قوله ولم يذكر حكم ما إذا نكل الطالب عن اليمين إلخ لاقرار مثل النكول.
وأقول: ولم يذكر الشارح في هذه المسألة ما إذا أنكر رب المال الوكالة. والذي يظهر أن الامر يرجع فيها إلى مسألة دعوى الوكالة عن الغائب، فيأخذ الغريم المال من الوكيل إن كان قائما، ويضمنه إن استهلكه. وإذا هلك لا رجوع له عليه إلا إذا ضمنه أخذا من قولهم إن دعواه الايفاء إقرار بالدين وبالوكالة، فتأمل وراجع المنقول فإني لم أر من صرح بذلك، والله تعالى أعلم.
هذا، ويقرب من هذا الجواب ما ذكره الأصحاب في تعليل المسألة بقولهم: وهذا لأنه لو لم يكن محقا عنده في طلب الدين ما اشتغل بذلك، فصار كما إذا طلب منه الدين فقال أوفيتك فإنه يكون إقرارا ولم يثبت الايفاء بمجرد دعواه فيؤمر بالدفع إليه، كما لو أقر بالوكالة صريحا: تأمل. ا ه. قوله:
(دفع المال إليه) فيه إشارة بأنه لا يحبسه حتى يحلف الموكل، بل يدفعه ويتبع الموكل أو يصير حتى يحضر فيحلفه، وكذا في الوكيل بالاستحقاق، وبه صرح في الهندية. قوله: (ولو عقارا) أي فإنه إذا برهن