تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٨١٢
قوله: (صح التوكيل بالسلم) أي الاسلام بأن يدفع الدراهم لانسان ليسلمها على بر مثلا فهو جائز كالبيع والشراء، وقد تقدم التنبيه على هذه المسألة في باب الوكالة بالبيع والشراء حيث قال هناك:
والمراد بالسلم الاسلام لا قبول السلم فإنه لا يجوز. ابن كمال. وأوضحناه بعبارة الزيلعي فراجعه.
وفي شرح الوهبانية قال في المبسوط: وإذا وكله أن يأخذ الدراهم في طعام مسمى فأخذها الوكيل ثم دفعها إلى الموكل فالطعام على الوكيل، وللوكيل على الموكل الدراهم قرض لان أصل التوكيل باطل، لان المسلم إليه أميره ببيع الطعام من ذمته إلى ذمة الوكيل، ولو أمره أن يبيع عين ماله على أن يكون الثمن على الآمر كان باطلا، فكذلك إذا أمره أن يبيع طعاما في ذمته وقبول السلم من صنيع المفاليس فالتوكيل به باطل ا ه‍. قوله: (لا بقبول عقد السلم) فإذا وكله أن يأخذ الدراهم في طعام مسمى فأخذها الوكيل إلى آخر ما قدمناه في المقولة السابقة. قوله: (فللناظر أن يسلم الخ) فرعه على ما قبله لأنه كالوكيل على ما صرحوا به، وفي هذه العبارة إيجاز ألحقها بالألغاز، وهي مشتملة على مسألتين:
إحداهما: يجوز للقيم أن يسلم من ريع الوقف في زيته وحصره كالوكيل بعقد السلم ثم رأس المال، وإن ثبت في ذمته كالمسألة السابقة فهو مأمور بدفع بدله من غلة الوقف، وليس المراد ثبوته في الذمة متأخرا ليفسد العقد، بل المراد أنه كالثمن ثبت في الذمة ثم ما يعطيه يكون بدلا عما وجب وهنا يعطيه في المجلس، كالتوكيل بالشراء يصح وإن لم يكن الثمن ملكه. أو نقول: الثمن هنا معين: أي رأس مال السلم لان مال الأمانة يتعين بالتعيين.
ثانيتهما: قد علمت أن قيم الوقف وكيل الوقف، والوكالة أمانة لا يصح بيعها، ولما اشتهرت أن ذلك لا يصح جعل النظار له حيلة إذا أرادوا أن يجعلوا في القرية أمينا يحفظ زرعها ويقررون له على ذلك جعلا، وهي أن يأمروه بعقد السلم ويستلموا من الوكلاء على ما هو مقرر لهم باطنا، فالغلة المسلم فيها تثبت في ذمة الوكيل، ولو صرفها من غلة الوقف ضمنها، ولو صرف مال المسلم على المستحقين لم يرجع به في غلة الوقف وكان متبرعا لأنه صرف مال نفسه في غير ما أذن له فيه تخريجا عن المسألة السابقة لأنه توكيل بقبول السلم. هذا حاصل ما ذكره شراح الوهبانية في هذا المحل، وقد صعب علي فهم هذا الكلام ولم يتلخص منه حاصل مدة طويلة حتى فتح المولى بشئ يغلب على ظني أنه هو المراد في تصوير هذه الحيلة في المسألة الثانية. وهي أن شخصا يكون ناظرا على وقف فيريد أن يجعل أمينا قادرا عليه بحيث ينتفع هو عاجلا والأمين آجلا، فإذا أخذ من الأمين شيئا على ذلك ليقوم مقامه ويأخذ مستغلات الوقف بدلا عن الجعل فهو لا يجوز لأنه بيع الوكالة في المعنى، لما علمت أن الناظر وكيل الواقف، وهذا يفعل في زماننا كثير في المقاطعات والأوقاف ويسمونه التزامات، فإذا تحيل له بهذه الحيلة وهي أن يأخذ الناظر من الأمين مبلغا معلوما سلما على غلة الوقف ليصرفه ويأخذ منه ما عينه له الواقف من العشر مثلا ويستغل ذلك الأمين غلة الوقف على أنه المسلم فيه ليحصل للناظر نفع بنظارته وللأمين بأمانته فهو أيضا لا يجوز، لان الناظر وكيل عن الواقف فكأنه صار وكيلا عن الواقف في قبول عقد السلم وأخذ الدراهم على الغلة الخارجة، وقد علمت أن الجائز التوكيل بعقد السلم لا بقبوله، فإذا أخد الدراهم وصرفها على المستحقين يكون متبرعا صارفا من مال نفسه وثبتت الغلة في ذمته فيلزمه مثلها، هذا ما ظهر لي. ثم لا يخفى أن هذا كله إنما يكون بعد بيان مقدار المسلم
(٨١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 807 808 809 810 811 812 813 814 815 816 817 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813