أصل في حق العقد، لكن في حق الحكم يخلفه الموكل فيقع له من غير أن يكون أصلا فيه كالعبد يتهب أو يصطاد، فكما أن المولى يثبت الملك له ابتداء فيما اتهبه عبده أو اصطاد خلاف عنه فكذا الموكل يثبت له الملك ابتداء فيما اشتراه وكيله خلافة عنه. قال الشمني: وهذه طريقة أبي طاهر الدباس. وقال في البحر أنه الأصح. وقال الكرخي: يثبت للوكيل ثم ينتقل للموكل. وقال القاضي أبو زيد: الوكيل نائب في حق الحكم أصيل في الحقوق فوافق الكرخي في الحقوق وأبا طاهر في الحكم وهو حسن.
كذا في البزازية. قوله: في (الأصح) قال الشمني: وعلى طريقة الكرخي لا يعتق أيضا، لأنه يثبت للوكيل ملك غير متقرر، وكذا لا يفسد نكاحه إذا اشترى زوجته بالوكالة فلا ثمر لهذا الاختلاف، لان الموجب للملك والفساد الملك المستقر، ولهذا إذا اشترى الوكيل قريب موكله يعتق عليه، ويفسد نكاحه إذا اشترى زوجة موكله. قوله: (فلا يعتق قريب الوكيل بشرائه ولا يفسد نكاح زوجته به) في هذا التفريع نظر، فإن هذه الأحكام ثابتة على القولين كما أفاده في المنح، أما على الأصح فظاهر، وأما على قول الكرخي: فلما علل به الشارح من قوله لان الموجب الخ، وإن كان ظاهره تعليلا للقول الأصح لكنه لا يصح علة له. قوله: (لان الموجب) قد علمت أن هذا لا يناسب كلام المصنف بل هو جار على القول الثاني من أنه يثبت للوكيل ابتداء ثم ينتقل إلى الموكل. قوله: (حتى لو أضاف لنفسه لا يصح) أي على الموكل فلا ينافي قوله الآتي حتى لو أضاف النكاح لنفسه وقع النكاح له كما ظن.
وفي البزازية: الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة، بأن قال: إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل لان عهدتهما على الموكل على كل حال، ولو أخرج الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضافه إلى نفسه صح إلا في النكاح. والفرق أن في الطلاق أضافه إلى الموكل معنى لأنه بناه على ملك الرقبة، وتلك للموكل في الطلاق والعتاق، فأما في النكاح فذمة الوكيل قابل للمهر، حتى لو كان بالنكاح من جانبها، وأخرج مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته إلى المرأة معنى، فكأنه قال: ملكتك بضع موكلتي. ا ه.
قال العلامة أبو السعود: ليس المراد أن الطلاق والعتاق يقع بمجرد قوله إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق، بل لا بد من الايقاع مضافا إلى موكله فيما إذا خرج الكلام مخرج الرسالة أو إلى نفسه إذا خرج الكلام مخرج الوكالة على ما يأتي. ا ه.
قلت: وفي السابع والعشرين من التتارخانية: ولو قال الوكيل طلقك الزوج لا يقع هو الصحيح . ا ه. قال في البحر فعلى هذا معنى الإضافة إلى الموكل مختلف ففي وكيل: النكاح من قبل الزوج على وجه الشرط وفيما عداه على وجه الجواز فيجوز عدمه ا ه. وفي الأشباه: الوكيل بالابراء إذا أبرأه ولم يضفه إلى موكله لم يصح. كذا في الخزانة اه.
أقول: وظاهر ما في البحر أنه لا تلزمه الإضافة إلا في النكاح، وهو مخالف لكلام غيره، قال في الدرر بعد قوله في المتن تتعلق بالموكل، وفسره أن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب، لأنها من قبيل الاسقاطات والوكيل أجنبي عن الحكم فلا بد من إضافة العقد إلى الموكل ليكون الحكم مقارنا