وأقول: قدمنا إنه الآن في زماننا لا فرق بين حبس القاضي والوالي، بل المحبس واحد، فإن من لزمه أداء شهادة يخرج لأدائها بمحافظ معه كما علمت، فتنبه.
وفي الهندية: إن كان الأصل معتكفا، قال القاضي بديع الدين: لا يجوز سواء كان منذورا أو غير منذور ا ه. قوله: (ذكره المصنف في الوكالة) ونقله المصنف أيضا عن السراج عن الذخيرة.
قوله: (عند الشهادة) أي أدائها عند القاضي. قال في المنح: وهو أي قوله عند القاضي متعلق بتعذر وما عطف عليه. قوله: (قيد للكل) أي فيكون الظرف متعلقا بحضور الأصل. قوله: (لاطلاق جواز الاشهاد) يعني يجوز أن يشهد وهو صحيح أو سقيم ونحوه، ولكن لا تجوز الشهادة عند القاضي إلا وما ذكره من الشروط موجود في الأصل.
قال في البحر نقلا عن خزانة المفتين: والاشهاد على شهادة نفسه يجوز وإن لم يكن بالأصول عذر، حتى لو حل بهم العذر يشهد الفروع ا ه. ومثله في المنح عن السراجية. قوله: (كما مر) أي في قوله: وجاز الاشهاد مطلقا. قوله: (شهادة عدد) قال في فتح القدير: لا تجوز شهادة الشاهد حتى يكون اثنين، ولأن شهادة كل من الأصلين هي المشهود بها، فلا بد أن يجتمع على كل مشهود به شاهدان حتى لو كانت امرأة شاهدة مع الأصول لا يجوز على شهادتها إلا رجلان أو رجل وامرأتان.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى في أحد قوليه: لا يجوز إلا أن يشهد على شهادة كل منهما شاهدان غير اللذين على شهادة الآخر، فذلك أربع على كل أصل اثنان. واختاره المزني لان كل فرعين يقومان مقام أصل واحد فصار كامرأتين، فلا تقوم الحجة بهما لان المرأتين لما قامتا مقام رجل واحد لم تتم حجة القضاء بشهادتهما، ولأن أحدهما لو كان أصلا فشهد شهادتهما الأصلية ثم شهد شهادة فرعية مع فرع على شهادة الأصل الآخر لا يجوز اتفاقا، فكذا إذا شهدا جميعا على شهادة الأصلين.
وفي قول آخر للشافعي: يجوز، وهو قول مالك وأحمد لنا ما روي عن علي رضي الله عنه: لا يجوز شهادة الشاهد حتى يكونا اثنين، فإنه بإطلاقه يفيد الاكتفاء باثنين من غير تقييد بأن يكون بإزاء كل أصل فرعان، ولأن حاصل أمرهما أنهما شهدا بحق هو شهادة الأصلين، ثم شهد بحق آخر هو شهادة الأصل الآخر، ولا مانع من أن يشهد شاهدان بحقوق كثيرة، بخلاف أداء الأصل شهادة نفسه الأصلية، ثم شهادة فرعية على الأصل الآخر مع فرع آخر غيره، فإنه إنما لا تجوز لان فيه يجتمع البدل والمبدل، بخلاف ما لو شهد شهادته وشهد اثنان على شهادة الأصل الآخر حيث تجوز، وبخلاف شهادة المرأتين فإن النصاب لم يوجد لأنهما بمنزلة رجل واحد، ولا يقبل شهادة واحد خلافا لمالك رحمه الله تعالى. قال: الفرع قائم مقام الأصل معبر عنه بمنزلة رسوله في إيصال شهادته إلى مجلس القاضي، فكأنه حضر وشهد بنفسه، واعتبر هذا برواية الاخبار، فإن رواية الواحد عن الواحد مقبولة، ولنا ما روينا عن علي رضي الله تعالى عنه وهو ظاهر الدلالة على المراد، ولأنه حق من الحقوق فلا بد من نصاب الشهادة، بخلاف رواية الاخبار. كذا في الفتح مع زيادة.