الأصل لا تقبل شهادة أحدهما بعد ذلك ا ه. منح وبحر. قوله: (لان العدل لا يتهم بمثله) أي بتعديل مثله، ولو اتهم بمثله لا يتهم في شهادته على نفس الحق بأنه أنما يشهد ليصير قوله مقبولا عند الناس وإن لم تكن له شهادة ا ه ط عن الشلبي.
أقول: لكن الأولى فيه أن يقال: فقوله: لا يتهم بمثله أي بهذا الاتهام المنافي للعدالة، فمثل مقحمة: يعني لان عدالته تمنعه أن يعدل غير العدل. كذا علل في البحر، لكن في عود الضمير على غير مذكور. وأصل العبارة في الهداية حيث قال: وكذا إذا شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر يجوز لنا قلنا: أي من أنهم أهل التزكية، غاية الامر أن فيه منفعة من حيث القضاء بشهادته، ولكن العدل لا يتهم بمثله كما لا يتهم في شهادة نفسه، كيف وأن قوله مقبول في نفسه وإن ردت شهادة صاحبه فلا تهمة ا ه.
قال في النهاية: أي بمثل ما ذكرت من الشبهة، وقوله غاية الامر: أي غاية ما يرد أنه متهم بسبب أن في تعديله منفعة له من حيث تنفيذ القاضي قوله على موجب ما يشهد به. قلنا: العدل لا يتهم مثل ما ذكرت من الشبهة، فإن مثلها ثابت في شهادة نفسه فإنها تتضمن القضاء بها، فكما أنه لم يعتبر الشرع مع عدالته ذلك مانعا كذا ما نحن فيه، وإلا لا نسد باب الشهادة ا ه. وبه ظهر الضمير ليس عائدا للعدل كما توهمه بعضهم. قوله: (وإن سكت الفرع عنه الخ) قال في فتح القدير: وإن سكتوا: الفروع عن تعديل الأصول حين سألهم القاضي جازت شهادة الفروع، ونظر القاضي في حال الأصول، فإن عدلهم غيرهم قضى، وإلا لا. وهذا عند أبي يوسف: وقال محمد:
إذا سكتوا أو قالوا لا نعرف عدالتهم لا تقبل شهادة الفروع، لان قبولها باعتبار أنها تقبل شهادة، ولم تثبت شهاد الأصول فلا تقبل شهادة الفروع. ولأبي يوسف أن المأخوذ: أي الواجب على الفروع ليس إلا نقل ما حملهم الأصول دون تعديلهم، فإنه قد يخفي حالهم عنهم، فإذا نقلوا ما حملوهم على القاضي أن يتعرف حالهم غير أن الفروع حاضرون، وهم أهل للتزكية إذا كانوا عدولا، فسؤالهم أقرب للمسافة من سؤال غيرهم، فإن كان عندهم علم فقد قصرت المسافة، وإلا احتاج إلى تعرف حالهم من غيرهم. هكذا ذكر الخلاف الناصحي في تهذيب أدب القاضي للخصاف، وصاحب الهداية وشمس الأئمة فيما إذا قال الفروع حين سألهم عن عدالة الأصول لا نخبرك بشئ لا تقبل شهادتهم: أي الفروع في ظاهر الرواية: لان هذا ظاهر في الجرح كما لو قالوا نتهمهم في هذه الشهادة. ثم قال: وروي عن محمد أنه لا يكون جرحا لأنه يحتمل كونه توقيفا في حالهم فلا يثبت جرحا بالشك ا ه. وعن أبي يوسف مثل هذه الرواية عن محمد أنها تقبل، ويسأل غيرها، ولو قالا:
لا نعرف عدالتهما ولا عدمها فكذا الجواب فيما ذكره أبو علي السعدي، وذكر الحلواني أنها تقبل، ويسأل عن الأصول، وهو الصحيح لان الأصل بقي مستورا فيسأل عنه. وذكر هشام عن محمد في عدل أشهد على شهادته شاهدين ثم غاب غيبة منقطعة نحو عشرين سنة، ولا يدري أهو على عدالته أم لا فشهدا على تلك الشهادة ولم يجد الحاكم من يسأله عن حاله إن كان الأصل مشهورا كأبي حنيفة، وسفيان الثوري قضى بشهادتهما عنه لان عثرة المشهور يتحدث بها، وإن كان غير مشهور لا يقضي بها، ولو أن فرعين عدالتهما معلومة شهدا عن أصل وقالا لا خير فيه وزكاة غيرهما لا تقبل شهادتهما، وإن قال ذلك أحدهما لا يتلفت إلى جرحه. وفي التتمة: إذا شهد أنه عدل وليس