أسبابها الموجبة لها، فما ورد أن فعل القاضي موجب لردها وردها من حده فهو موجب للحد.
أجيب بالمنع بل الموجب لردها إذا كان من حده ما يوجب الحد والذي يوجبه هو القذف نفسه، على أن في المحيط ذكر محمد في الديات: لا تقبل هذه الشهادة. فتح قوله: (وإن كثرت) أي تعددت:
أعني الشهادة على شهادة الفروع بأن يحمل الفرع شهادته لاثنين، وأحد الاثنين لآخرين وهكذا.
ويشترط الشروط الآتي ذكرها في كل فرع مع أصله. قوله: (في كل حق على الصحيح) أي لا يسقط بشبهة كما في الهداية. قال في البحر: أطلقه فشمل الوقف وهو الصحيح إحياء له وصونا عن اندراسه وشمل التقرير، وهو مصرح به في الأجناس وقضاء القاضي وكتابه كما في الخانية والنسب كما في خزانة المفتين.
وفي القنية: أشهد القاضي شهودا أني حكمت لفلان على فلان بكذا فهو إشهاد باطل لا عبرة به، والحضور شرط اه.
وفي يتيمة الدهر: كتبت إلى الحسن بن زياد إذا أشهد القاضي على قضائه الشاهدين اللذين شهدا في تلك الحادثة هل يصح إشهاده إياهما؟ فقال: نعم، لكنه ينفصل عن القبول في الحكم ا ه.
قال في فتح القدير: الشهادة عن الشهادة جائزة في كل حق يثبت مع الشبهة، فخرج ما لا يثبت معها وهو الحدود والقصاص، فأما التعزير ففي الأجناس من نوادر ابن رستم عن محمد: يجوز في التعزير العفو والشهادة على الشهادة، ونص الفقيه أبو الليث على أن كتاب القاضي إلى القاضي لا تجوز فيه الشهادة على الشهادة، وفي فتاوى قاضيخان: الشهادة على الشهادة جائزة في الأقارير والحقوق وأقضية القضاة وكتبهم وكل شئ، إلا الحدود والقصاص، وبقولنا هذا قال أحمد والشافعي في قول، وأصح قوليه وهو قول مالك: يقبل في الحدود والقصاص، أيضا، لان الفروع عدول نقلوا شهادة الأصول، فالحكم بشهادة الأصول لا بشهادتهم وصاروا كالمترجم وسيندفع ا ه. قوله:
(إلا في حد) أي ما يوجب الحد فلا يرد أنه إذا شهد على شهادة شاهدين أن قاضي بلد كذا ضرب فلانا حدا في قذف فإنها تقبل، حتى ترد شهادته إلى آخر ما ذكرنا آنفا، وفيه إشعار بأنها تقبل في التعزير، وهذه رواية عن أبي يوسف، وعن أبي حنيفة أنها لا تقبل كما في الاختيار قهستاني. قوله:
(وجاز الاشهاد مطلقا) أي بعذر أو غيره وسواء تعذر حضور الأصل أو لا، لان تحمل الشهادة أسهل من أدائها. قال في خزانة المفتين: والاشهاد على شهادة نفسه يجوز وإن لم يكن بالأصول عذر، حتى لو حل بهم العذر من مرض أو سفر أو موت شهد الفروع ا ه. فتبين أن اشتراط العذر وقت الأداء لا وقت التحمل.
قال في البحر: وقيد شهادة الفرع: أي عند القاضي لان وقت التحمل لا يشترط أن يكون في الأصل عذر لما في خزانة المفتين، وساق عبارتها المذكورة. قوله: (بشرط تعذر حضور الأصل) قال في البحر: لان جوازها عند الحاجة، وإنما تمس عند عجز الأصل.
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى: أشار إلى أن المراد بالمرض ما لا يستطيع معه الحضور إلى مجلس القاضي كما قيده في الهداية، وأن المراد بالسفر الغيبة مدته كما هو ظاهر كلام المشايخ، وأفصح به