والحاصل: أنه لا يشترط عند الامام الاتفاق على لفظ بعينه، بل إما بعينه أو بمرادفه، وقول صاحب النهاية: لان اللفظ ليس بمقصود، مراده به أن التوافق على لفظ بعينه ليس بمقصود لا مطلقا كما ظن، فافهم. قوله: (لا التضمن) هذا تأكيد لقوله يجب مطابقة الشهادتين: أي دلالتهما على المعنى مطابقة، وهي دلالة اللفظ على تمام معناه، والتضمن دلالته على جزء المعنى. قوله: (واكتفيا) أي الصاحبان بالموافقة، المعنوية فيحكمان بالأقل في مسألة الألف والألفين والمائة والمائتين والطلقة والثلاث.
فإن قيل: يشكل على قول الكل ما لو شهد أحدهما أنه قال لها أنت خلية والآخر أنت برية لا يقضى ببينونة أصلا مع إفادتهما معناها. وأجيب بمنع الترادف بل هما متباينا المعنيين يلزمهما لازم واحد وهو وقوع البينونة، والمتباينات قد تشترك في لازم واحد، فاختلافهما ثابت في اللفظ والمعنى، فلما اختلف المعنى منهما كان دليل اختلاف تحملهما، فإن هذا يقول ما وقعت البينونة إلا بوصفها بخلية والآخر يقول لم تقع إلا بوصفها ببرية وإلا فلم تقع البينونة. وتمامه في الفتح. قوله: (ولو شهد أحدهما بالنكاح الخ) أشار بذلك إلى أنه لا يشترط عند الامام في الموافقة أن تكون بعين اللفظ بل بعينه أو بمراده كما ذكرنا، لان كلا من النكاح والتزويج يدلان على المعنى المشهود به بالمطابقة فكانا متحدين على المعنى الذي أردنا، ولذلك رجعت مسائل من المستثنيات إلى هذا. قوله: (لا تحاد معناهما) أي مطابقة فصار كأن اللفظ متحد أيضا فافهم وهذا التعليل يصلح لقولهما ولقول الامام أيضا لما مر آنفا من أنه يعتبر الاتحاد ولو بمرادف اللفظ، فمن قال هنا إن التعليل لا يظهر إلا على قولهما فغير ظاهر، فتدبر.
فإن قلت: شرط في المتن الاتحاد لفظا ومعنى أن يكون كل لفظ دالا على ذلك المعنى بطريق الوضع لا التضمن، والمراد بالموافقة المعنوية غير الكافية للقبول أن يدل أحد اللفظين على المعنى المشهود به بالمطابقة والآخر بالتضمن، فقوله هنا لاتحاد معناهما: أفاد أن كلا من النكاح والتزويج يدلان على المعنى المشهود به بالمطابقة، فكانا متحدين لفظا ومعنى على المعنى الذي عناه بذلك كما قدمنا الإشارة إليه سابقا. قوله: (وكذا الهبة الخ) أي لان الكل يؤذن بالتبرع، بخلاف ما لو شهد أحدهما بأنه دفع على وجه الأمانة والآخر اقتصر على لفظا أعطاه، لان الثاني وهو أعطى يدل على التبرع، فلا يضره التفريط، بخلاف الأول وهو دفعه أمانة، وقوله: ونحوهما أي من كل لفظين دلا على معنى واحد بالمطابقة، فإن الاختلاف فيهما لا يمنع القبول، كما إذا ادعى الابراء فشهد أحدهما به والآخر على أنه وهبه له أو تصدق عليه به أو ملكه منه. قوله: (ردت) هذا هو المذهب، وقيل يقضى بالطلاق بالأقل اتفاقا لأنه إذا لم يثبت الألفان لم يثبت ما في الضمن من الألف. حموي. قوله: (لاختلاف المعنيين) أي بالمعنى الذي قدمه، لان دلالة اللفظين على المعنى بالمطابقة يسميه اتحادا لفظا ومعنى، ودلالة أحد اللفظين بالتضمن يسميه اتحادا معنى فقط. قوله: (لم تقبل) وجه عدم القبول أن اختلافهما في الانشاء