والاقرار وقع في الفعل فمنع قبول الشهادة، وهذا بخلاف ما لو شهد أحدهما بالبيع أو القرض أو الطلاق أو العتاق والآخر بالاقرار به فإنها تقبل، لان صيغتي الانشاء والاقرار في هذه التصرفات واحدة، فإنه يقول في الانشاء بعت وأقرضت، وفي الاقرار كنت بعت وأقرضت فلم يمنع قبول الشهادة محيط ط.
قال الرملي: ذكر في باب اختلاف الشهادات من شهادات الجامع: وليس الاختلاف بين الشاهدين بمنزلة الاختلاف بين الدعوى والشهادة، لان شهادة الشاهدين ينبغي أن تكون كل واحدة منهما مطابقة للأخرى في اللفظ الذي لا يوجب خللا في المعنى. أما المطابقة بين الدعوى والشهادة فينبغي أن تكون في المعنى خاصة ولا عبرة للفظ، حتى لو ادعى الغصب وشهد أحدهما على الغصب والآخر على الاقرار بالغصب لا تقبل، ولو شهدا على الاقرار بالغصب تقبل. وتمامه في الفصول العمادية ا ه.
وفي جامع الفصولين: ادعى قتلا وشهد به وآخر أنه أقر به ترد، إذ الاقرار يتكرر لا القتل.
قال الرملي في حاشيته عليه: أقول: فلو اتفقا على الشهادة بالاقرار كما هو ظاهر، وقد صرح به في التتارخانية عن المحيط قال بعد أن رمز للمحيط وصور المسألة: إذا شهد أحدهما على إقراره أنه قتله عمدا بالسيف وشهد الآخر على إقراره أنه قتله عمدا بالسكين فقال ولي القتيل إنه أقر بما قالا ولكنه والله ما قتله إلا بالسيف أو قال صدقا جميعا ولكنه والله ما قتله إلا بالرمح فهذا كله سواء ويقتص من القاتل ا ه. تدبره.
هذا، وقد صرح أيضا في شرح الغرر بالمسألة فقال بعد ما ذكر المسألة التي هنا: بخلاف ما إذا شهدا بالاقرار به حيث تقبل انتهى. قوله: (ولو شهدا بالاقرار به قبلت) مقتضاه أنه لا يضر الاختلاف بين الدعوى والشهادة في قول مع فعل، بخلاف اختلاف الشاهدين بذلك لان الموافقة المعنوية يكتفي بها بين الشهادة والدعوى، وأما بين الشهادتين فلا بد من الموافقة في اللفظ والمعنى عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وتقبل عندهما فيهما. قوله: (وكذا لا تقبل في كل قول جمع مع فعل) بأن يكون القول من أحدهما والفعل في لفظ الآخر.
أقول: ومن ذلك ما ذكره في جامع الفصولين من الفصل الحادي عشر من اختلاف الدعوى والشهادة لو شهد أحدهما بنكاح والآخر بإقراره به لا يقبل كالغصب. ومنه ادعى رهنا فشهد بمعاينة القبض وشهد آخر أن الراهن أقر بقبض المرتهن لا يقبل. ومنه شهد أحدهما أن المدعي بيد المدعي والآخر أنه أقر أنه بيده لا يقبل، ولو شهدا أحدهما بإيداعه والآخر أنه قر بإيداعه فعلى قياس الغصب لا تقبل ا ه. قوله: (لا تسمع للجمع بين قول وفعل) بخلاف ما إذا شهد أحدهما بألف للمدعي على المدعى عليه وشهد الآخر على إقرار المدعى عليه بألف فإنه يقبل لأنه ليس بجمع بين قول وفعل. أفاده سيدي الوالد عن منلا علي. قوله: (إلا إذا اتحدا لفظا) الظاهر أن الاستثناء منقطع لأنه لا فعل مع قول في هذه الصور، بل قولان، لان الانشاء والاقرار به كل منهما قول بدليل قول الشارح بعد سطر لاتحاد صيغة الانشاء الخ. قوله: (ببيع الخ) هذه الأربع كما تقبل مع اختلاف الشاهدين فهي أيضا من الثلاثة والعشرين المستثناة في البحر المتقدمة التي لا يشترط فيها موافقة الدعوى الشهادة بأن ادعى