وادعى أنها بغير حق فيؤاخذ بإقراره ولا تثبت الدعوى الأخرى إلا ببرهان قوله: (قبلت بألف) أي ولا يسمع قوله قضاه لكمال النصاب، ولا يكون رده من المدعي تكذيبا له، كما إذا شهد له بألف وخمسمائة والمدعي يدعي ألفا لأنه لم يذكره فيما شهد له به وإنما كذبه فيما شهد به عليه وذلك لا يمنع، كما إذا شهد له بشئ ثم شهد عليه بآخر، ولا تقبل إلا إذا ادعى الألف، فإذا ادعى خمسمائة والمسألة بحالها لا تقبل. قوله: (إلا إذا شهد معه آخر) أي لكمال النصاب. قوله: (ولا يشهد) أي بالألف كلها: أي يجب عليه أن لا يشهد كما في الزيلعي والدرر. قوله: (من علمه) فعل ماض: أي علم قضاء خمسمائة. قوله: (حتى يقر المدعي به) أي يقر المدعي عنه الناس به: أي بما قبض لئلا يتضرر المدعى عليه عند تقريره الدعوى، ولئلا يكون إعانة على الظلم.
قال في البحر: والمراد من ينبغي في عبارة الكنز معنى يجب فلا تحل له الشهادة. قوله: (شهد بسرقة بقرة الخ) هذه من مسائل الجامع الصغير، وصورتها عن محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى في شاهدين شهدا جميعا على أنه سرق بقرة واختلفا في لونها، قال: أجيز الشهادة وأقطعه، وقال أبو يوسف ومحمد: لا نجيز الشهادة ولا نقطعه ا ه. له أن التوفيق ممكن لان التحمل في السرقة يكون ليلا غالبا واللونان يتشابهان ويجتمعان، فيكون السواد من جانب وهذا يبصره والبياض من جانب آخر وهذا يشاهده وإذا كان التوفيق ممكنا وجب القبول كما إذا اختلف شهود الزنا في بيت واحد، وفيه بحث من وجهين أحدهما: أن طلب التوفيق هنا احتيال لاثبات الحد، وهو القطع والحد يحتال لدرئه لا لاثباته. والثاني: أن التوفيق وإن كان ممكنا ليس بمعتبر ما لم يصرح به فيما يثبت بالشبهات فكيف يعتبر إمكانه فيما يدرأ بها؟
والجواب عن الأول: إن ذلك إنما كان احتيالا لاثباته أن لو كان في اختلاف ما كلفا نقله وهو من صلب الشهادة لبيان قيمة المسروق ليعلم هل كان نصابا فيقطع به أو لا، أما إذا كان في اختلاف ما لم يكلفا نقله كلون ثياب السارق وأمثاله فاعتبار التوفيق فيه ليس احتيالا لاثباته الحد لامكان ثبوته بدونه، ألا ترى أنهما لو سكتا عن بيان لون البقرة ما كلفهما القاضي بذلك، فتبين أنه ليس من صلب الشهادة ولم يكلفا نقله إلى مجلس الحكم، بخلاف الذكورة والأنوثة فإنهما يكلفان النقل بذلك، لان القيمة تختلف باختلافهما، فكان اختلافا في صلب الشهادة.
والجواب عن الثاني: بأن جواب للقياس لان القياس اعتبار إمكان التوفيق، أو يقال التصريح بالتوفيق يعتبر فيما كان في صلب الشهادة وإمكانه فيما لم يكن فيه، هذا وأطلق في اللون فشمل جميع الألوان وهو الصحيح، ولهما أن السواد غير البياض فلم يتم على كل نصاب شهادة وصار كالغصب، لان أمر الحد أهم كالذكورة والأنوثة، وعلى هذا الخلاف لو ادعى سرقة ثوب مطلقا فقال أحدهما هروي والآخر مروي ا ه. شلبي. وتكلم الشرح على القطع، ولم يتكلم على الضمان والظاهر وجوبه، وحرره نقلا ا ه ط بزيادة. قوله: (خلافا لهما) حيث قالا: لا يقطع لأنهما اختلفا في المشهود به