التاسعة والثلاثون: اختلف في زمن إقراره بالوقف تقبل. قال في جامع الفصولين: لو اختلف الشاهدان في زمان أو مكان أو إنشاء وإقرار بأن شهد أحدهما على إنشاء والآخر على إقرار وإن كان هذا الاختلاف في فعل حقيقة أو حكما: يعني في تصرف فعل كجناية وغصب أو في قول ملحق بالفعل كنكاح لتضمنه فعلا وهو إحضار الشهود يمنع قبول الشهادة، وإن كان الاختلاف في قول محض كبيع وطلاق وإقرار وإبراء وتحرير أو في فعل ملحق بالقول وهو القرض لا يمنع القبول، وإن كان القرض لا يتم إلا بالفعل وهو التسليم، لان ذلك محمول على قول المقترض أقرضتك فصار كطلاق وتحرير وبيع ا ه.
قلت: ووجهه أن القول إذا تكرر فمدلوله واحد لم يختلف، بخلاف الفعل وإطلاق الاقرار يفيد أن الوقف غير قيد.
الأربعون: اختلفا في مكان إقراره به تقبل.
الحادية والأربعون: اختلف في وقف، في صحته أو في مرضه تقبل، وهي مكررة مع السابعة والعشرين.
الثانية والأربعون: شهد أحدهما بوقفها على زيد والآخر على عمرو تقبل وتكون وقفا على الفقراء لاتفاق الشاهدين على الوقف وهو صدقة. انتهى ما في البحر مع زيادة من حاشية سيدي الوالد رحمه الله تعالى.
أقول: وتقدم في آخر الوقف ما زاده الشيخ صالح ابن المصنف رحمهما الله تعالى فارجع إليه.
قوله: (تركتها خشية التطويل) يعني ها هنا، وإلا فقد ذكرها في آخر الوقف. قوله: (بطريق الوضع) أي بمعناه المطابقي، وهذا جعله الزيلعي تفسير للموافقة في اللفظ حيث قال: والمراد بالانفاق في اللفظ تطابق اللفظين على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن، حتى لو ادعى رجل مائة درهم فشهد شاهد بدرهم وآخر بدرهمين وآخر بثلاثة وآخر بأربعة وأخر بخمسة لم تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لعدم الموافق لفظا. وعندهما: يقضي بأربعة ا ه.
والذي يظهر من هذا أن الامام اعتبر توافق اللفظين على معنى واحد بطريق الوضع، وأن الامامين اكتفيا بالموافق المعنوية ولو بالتضمن ولم يشترطا المعنى الموضوع له كل من اللفظين، وليس المراد أن الامام اشتراط التوافق في اللفظ والتوافق في المعنى الوضعي، وإلا أشكل ما فرعه عليه من شهادة أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج، وكذا الهبة والعطية فإن اللفظين فيهما مختلفان، ولكنهما توافقا في معنى واحد أفاده كل منهما بطريق الوضع، ويدل على هذا التوفيق أيضا ما نقله الزيلعي عن النهاية حيث قال: إن كانت المخالفة بينهما في اللفظ دون المعنى تقبل شهادته، وذلك نحو أن يشهد أحدهما على الهبة والآخر على العطية، وهذا لان اللفظ ليس بمقصود في الشهادة بل المقصود ما تضمنه اللفظة وهو ما صار اللفظ علما عليه، فإذا وجدت الموافقة في ذلك لا تضر المخالفة فيما سواها. قال:
هكذا ذكره ولم يحك فيه خلافا انتهى. وهذا بخلاف الفرع السابق الذي نقلناه عنه فإن الخمسة معناها المطابقي لا يدل على الأربعة بل تتضمنها، ولذا لم يقبلها الامام وقبلها صاحباه لاكتفائهما بالتضمن.