في الصغائر، وقد اندرج فيما ذكرنا شرح ذلك اه. قوله: (بأجر) أطلق في مسكين وأشار إليه في الكافي، وكذا في القهستاني كما يأتي النفل عنه قريبا. قوله: (زاد العيني فلو في مصيبتها تقبل) اعلم أن هذا التفريع بعض من المفهوم السابق، فالعجب من قوله زاد الخ بل في اقتصار العيني وتعليل الواني إشارة إلى أنهما نقصا من العبارة السابقة اشتراط الاجر، ولهذا قال القهستاني: ولو بلا أجر، وتقدم الكلام على ما في ظاهر التعليل، فافهم. قوله: (بزيادة اضطرارها) أي وفي النوح تخفيف هذه الضرورة، وإنما قلنا ذلك ليظهر قوله فكان كالشرب للتداوي ط. قوله: (واختيارها) مقتضاه لو فعلته عن اختيارها لا تقبل. سيدي الوالد رحمه الله تعالى. قوله: (فكان كالشرب) أي شرب محرم للتداوي فإنه يجوز عند الثاني للضرورة. قوله: (وعدو) أي على عدوه كما في الملتقى. قوله: (بسبب الدنيا) لان المعاداة لأجلها حرام، فمن ارتكبها لا يؤمن من التقول عليه. أما إذا كانت دينية فإنها لا تمنع لأنها تدل على كمال دينه وعدالته. وهذا لان المعاداة قد تكون واجبة بأن رأى فيه منكرا شرعا ولم ينته بنهيه، بدليل قبول شهادة المسلم على الكافر مع ما بينهما من العداوة الدينية، والمقتول وليه على القاتل، والمجروح على الجارح، أو الزوج على امرأته بالزنا. ذكره ابن وهبان.
وفي خزانة المفتين: والعدو من يفرح لحزنه ويحزن لفرحه. وقيل يعرف بالعرف اه. ومثال العداوة الدنيوية أن يشهد المقذوف على القاذف والمقطوع عليه الطريق على القاطع، وفي إدخال الزوج هنا نظر، فقد صرحوا بقبول شهادته عليها بالزنا إلا إذا قذفها أولا، وإنما المنع مطلقا قول الشافعي.
وفي بعض الفتاوى: وتقبل شهادة الصديق لصديقه اه: أي إلا إذا كانت متناهية بحيث يتصرف أحدهما بمال الآخر كما تقدم.
ثم اعلم أن المصرح به في غالب كتب أصحابنا والمشهور على ألسنة فقهائنا ما ذكره المؤلف من التفصيل.
ونقل في القنية أن العداوة بسبب الدنيا لا تمنع، ما لم يفسق بسببها أو يجلب منفعة أو يدفع بها عن نفسه مضرة، وهو الصحيح وعليه الاعتماد. وما في الواقعات وغيرها اختيار المتأخرين. وأما الرواية المنصوصة فبخلافها. وفي كنز الرؤوس: شهادة العدو على عدوه لا تقبل لأنه متهم. وقال أبو حنيفة: تقبل إذا كان عدلا. قال أستاذنا: وهو الصحيح وعليه الاعتماد، لأنه إذا كان عدلا تقبل شهادته، وإن كان بينهما عداوة بسبب أمر الدنيا اه. واختاره ابن وهبان، ولم يتعقبه ابن الشحنة، لكن الحديث شاهد لما عليه المتأخرون كما رواه أبو داود مرفوعا: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذي غمر على أخيه والغمر: الحقد. ويمكن حمله على ما إذا كان غير عدل بدليل أن الحقد فسق للنهي عنه.
وقد ذكر ابن وهبان رحمه الله تعالى تنبيهات حسنة لم أرها لغيره.
الأول: الذي يقتضيه كلام صاحبه القنية والمبسوط أنا إذا قلنا إن العداوة قادحة في الشهادة تكون قادحة في حق جميع الناس لا في حق العدو فقط، وهو الذي يقتضيه الفقه، فإن الفسق لا يتجزأ حتى يكون فاسقا في حق شخص عدلا في حق آخر اه.