تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٦٠
شهادته، وهو جرح مقبول كما صرحوا به، وسيأتي في بيان الجرح.
الخامس: إذا قلنا: لا تجوز شهادة العدو على عدوه إذا كانت دنيوية هل الحكم في القاضي كذلك حتى لا يجوز قضاء القاضي على من بينه وبينه عداوة؟ لم أقف عليه في كتب أصحابنا، وينبغي أن يكون الجواب فيه على التفصيل: إن كان قضاؤه عليه بعلمه ينبغي أن لا ينفذ، وإن كان بشهادة العدول وبمحضر من الناس في مجلس الحكم بطلب خصم شرعي ينبغي أن ينفذ. وفرق الماوردي من الشافعية بينهما بأن أسباب الحكم ظاهرة وأسباب الشهادة خافية. بحر. وقدمنا أوائل الباب أن في المسألة قولين معتمدين.
أحدهما: عدم قبولها على العدو، وهو اختيار المتأخرين، وعليه صاحب الكنز والملتقى، ومقتضاه أن العلة العداوة لا الفسق، وإلا لم تقبل على غير العدو أيضا.
ثانيهما: أنها تقبل إلا إذا فسق بها، واختاره ابن وهبان وابن الشحنة فراجعه، وكذا تقدم في أول القضاء الكلام على ذلك فارجع إليه.
وفي فتاوى الحانوتي: سئل في شخص ادعى عليه وأقيمت عليه بينة فقال إنهم ضربوني خمسة أيام فحكم عليه الحاكم ثم أراد أن يقيم البينة على الخصومة بعد الحكم فهل تسمع؟ الجواب: قد وقع الخلاف في قبول شهادة العدو على عدوه عداوة دنيوية، وهذا قبل الحكم، وأما بعده فالذي يظهر عدم نقض الحكم، كما قالوا: إن القاضي ليس له أن يقضي بشهادة الفاسق ولا يجوز له، فإذا قضى لا ينقض اه‍. لكن يعارضه ما قدمناه آنفا عن الرملي، وصرح يعقوب باشا في حاشيته بعدم نفاذ قضاء القاضي بشهادة العدو على عدوه.
وأقول: وقياسه يقتضي أن العصبية كذلك، فلا ينفذ قضاء القاضي بشهادته لأنه الذي يبغض الرجل لكونه من بني فلان أو من قبيلته كما في معين الحكام اه‍.
أقول: وقدم الشارح عبارة اليعقوبية أول القضاء وأقرها سيدي الوالد، وكذا الخير الرملي في فتاواه فتنبه. قوله: (فتقبل له لا عليه) هذا يفيد قبولها لغير عدوه إذا لم يفسق به كما يأتي. قوله:
(واعتمد في الوهبانية والمحبية قبولها الخ) قد علمت ما تحصل مما سبق أن شهادة العدو على عدوه لا تقبل وإن كان عدلا وعد نفاذ القضاء بها، والمسألة دوارة في الكتب فاحفظه. قوله: (ما لم يفسق بسببها) وهي الرواية المنصوصة والاطلاق اختيار المتأخرين. وفي القهستاني ما يفيد أن ما عليه المتأخرون هو الصحيح في زمانهم وزماننا ا ه‍. وينبغي أن يقال فيه ما قيل في مدمن الخمر من الاشتهار ط. قوله: (قالوا والحقد فسق للنهي عنه) فسره في الطريقة المحمدية بأن يلزم نفسه بغضه وإرادة الشر له. وحكمه: إن لم يكن بظلم أصابه منه بل بحق وعدل كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحرام، وإن كان بظلم أصابه منه فليس بحرام، وإن لم يقدر على أخذ الحق فله تأخيره إلى يوم القيامة. قال الله تعالى: * (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم) * (الشورى: 41 - 42) وساق للنهي أحاديث دالة عليه. منها قوله صلى الله عليه وآله: لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك. ومنها قوله
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813