وقد كتبت في حواشي جامع الفصولين أن مثله شهادة شهود الأوقاف المقررين في وظائف الشهادة بما يرجع إلى الغلة لما ذكرنا، وتقريره فيهما لا يوجب قبولها. وفائدتها إسقاط التهمة عن المتولي فلا يحلف، ويقويه أن البينة تقبل لاسقاط اليمين، كالمودع إذا ادعى الرد أو الهلاك فالقول له مع اليمين، فإن برهن فلا يمين. بحر ملخصا، فراجعه. قال الرملي: ويعلم من قوله ومن هذا النمط الخ جواز شهادة الناظر في وقف تحت نظره، لان القضاء والشهادة من باب واحد كما تقدم. وقد أفتى به شيخ الاسلام الشيخ محمد الغزي في واقعة الحال بقوله الظاهر قبولها، كما شهد بوقف مدرسة وهو صاحب وظيفة بها. والله تعالى أعلم، فتأمل اه.
ويرد على ما مر من الفرق في البزازية من قوله: أهل القرية إذا شهدوا على قطعة أرض أنها من أراضي قريتهم لا تقبل. وأجاب عنه التمرتاشي بحمله على قرية مملوكة كما في التنقيح. قوله: (انتهى) أي ما في فتاوى النسفي، ونقله عنه في الفتح آخر الباب. قوله: (والأجير الخاص) وذلك لان منافعه مستحقة للمستأجر ولهذا لا يجوز له أن يؤجر نفسه من آخر في تلك المدة، فلو جازت شهادته للمستأجر كانت شهادة بالاجر لان شهادته من جملة منافعه، فلا تقبل شهادته في تجارة أستاذه ولا في شئ آخر اه. شلبي. وقيد بالخاص لان شهادة المشترك كالخياط تقبل لأنه لا يستوجب أجرا إلا بعلمه، فإذا لم يستوجب بإجارته شيئا انتفت التهمة عن شهادة اه. وتقبل شهادة من استأجره يوما في ذلك اليوم استحسانا كما في البزازية، ولا تقبل شهادة المستعير لمعيره بالمستعار، ولو رهن دارا فشهد له من استأجره للبناء يقبل، وإن شهد له من استأجره لهدمها لا.
قال في الهندية: رجل ادعى دارا في يد رجل فشهد له شاهدان بها وأن المدعي استأجرهما على بنائها وغير ذلك مما لا يجب عليه الضمان في ذلك جازت شهادتهما، وإن قالا استأجرنا على هدمها فهدمناها لا تقبل شهادتهما بالملك للمدعي ويضمنان قيمة البناء للمدعى عليه، كذا في فتاوى قاضيخان. وشهادة الأستاذ للتلميذ مقبولة، وكذا المستأجر للأجير. فتح. ولا تقبل شهادة المستأجر للآجر بالمستأجر. بحر.
لو استأجر دارا شهرا فسكن الشهر كله ثم جاء مدع آخر فشهد بها المستأجر ورجل آخر معه فالقاضي يسأل المدعي عن الإجارة أكانت بأمره أو بغير أمره؟ فإن قال كانت بأمري لم تقبل شهادة المستأجر لأنه مستأجر شهد بالمستأجر للآجر، وإن قال كانت بغير أمري تقبل شهادته لأنه ليس بمستأجر في حقه، ولو لم يسكن الشهر كله لم تجز شهادته وإن لم يدع المدعي أن الإجارة كانت بأمره.
ولو شهد المستأجران أن المدعي للذي آجرهما لاثبات الإجارة أو لانسان آخر على المؤجر لفسخ الإجارة، قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: جازت شهادتهما سواء كانت الأجرة رخيصة أو غالية. وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: لا تجوز شهادتهما في فسخها لأنهما يدفعان عن أنفسهما الأجرة، وإن كانا ساكنين في الدار بغير أجر جازت شهادتهما. هندية عن المحيط.
وفيها إذا شهد الأجير لأستاذه وهو أجير شهر فلم ترد شهادته ولم يعدل حتى مضى الشهر ثم