تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٤٣
قوله: (والاستثناء منصرف لما يليه) أي قوله تعالى: * (إلا الذين تابوا) * (النور: 5) راجع إلى قوله:
* (وأولئك هم الفاسقون) النور: 4) لقوله: * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) * بخلاف آية المحاربين، فإن قوله تعالى: * (إلا الذين تابوا) * (النور: 5) راجع إلى الحد لا لقوله: * (ولهم عذاب عظيم) * لأنه لو رجع إليه لما قيد الاستثناء بقبل القدرة، لان التوبة نافعة مطلقا، ففائدة التقييد به سقوط الحد به. وقال الشافعي ومالك وأحمد: تقبل، لقوله تعالى: * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا) * (النور: 4 - 5) فإن الاستثناء إذا تعقب جملا بعضها معطوف على البعض ينصرف إلى الكل كقول القائل: مرأته طالق وعبده حر وعليه حجة إلا أن يدخل الدار، فإن الاستثناء ينصرف إلى جميع ما تقدم، لان هذا افتراء على عبد من عبيد الله تعالى، والافتراء على الله تعالى وهو الكفر لا يوجب رد الشهادة على التأبيد، بل إذا أسلم يقبل فهذا أولى.
ولنا أن قوله تعالى: * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) * (النور: 4) معطوف على قوله * (فاجلدوهم) * (النور: 4) والعطف للاشتراك فيكون رد الشهادة من حد القذف والحد لا يرتفع بالتوبة. ولا نسلم أن الاستثناء في الآية تعقب جملا بعضها معطوف على بعض، بل تعقب جملة منقطعة عن جمل بعضها معطوف على بعض، لأنه يعقب جملة * (أولئك هم الفاسقون) * (النور: 4) وهي جملة مستأنفة لان ما قبلها أمر ونهي فلم يحسن عطفها عليه، بخلاف المثال فإن الجمل كلها فيه إنشائية معطوفة فيتوقف كلها على آخرها، حتى إذا وجد الغير في الأخير تغير الكل، والقياس على الكفر ممتنع لفقد شرطه، وهو أن لا يكون في الفرع نص يمكن العمل به، وها هنا نص وهو التأبيد. شمني.
وفي العناية: ولا يمكن صرف الاستثناء إلى الجميع لأنه منصرف إلى ما يليه، وهو قوله تعالى:
* (وأولئك هم الفاسقون) * (النور: 4) وهو ليس بمعطوف على ما قبله، لان ما قبله طلبي وهو إخباري.
فإن قلت: فجعله بمعنى الطلب ليصح كما في قوله تعالى: * (وبالوالدين إحسانا) * (الاسراء: 23) قلت: يأباه ضمير الفصل، فإنه يفيد حصر أحد المسندين في الآخر وهو يؤكد الاخبارية. سلمناه لكن يلزم جعل الكلمات المتعددة كالكلمة الواحدة وهو خلاف الأصل. سلمناه لكنه كان إذا ذاك جزاء فلا يرتفع بالتوبة كأصل الحد وهو تناقض ظاهر. سلمناه لكنه كان أبدا مجازا عن مدة غير متطاولة وليس بمعهود. سلمناه لكن جعله ليس بأولى من جعل الاستثناء منقطعا بل جعله منقطعا أولى دفعا للمحذورات، وتمام الصور على هذا البحث يقتضي مطالعة تقريرنا في تقريرنا في الاستدلالات الفاسدة اه‍. قوله: (إلا أن يحد كافرا في القذف فيسلم فتقبل) لان للكافر شهادة فكان ردها من تمام الحد، وبالاسلام حدثت شهادة أخرى فتقبل على المسلمين والذميين. قوله: (بعد الاسلام) قال في البحر: وضع هذه المسألة يدل على أن الاسلام لا يسقط حد القذف، وهل يسقط شيئا من الحدود؟
قال الشيخ عمر قارئ الهداية: إذا سرق الذمي أو زنى ثم أسلم، فإن ثبت عليه ذلك بإقراره أو بشهادة المسلمين لا يدرأ عنه الحد، وإن ثبت بشهادة أهل الذمة فأسلم سقط عنه الحد اه‍. وينبغي أن يقال كذلك في حد القذف.
وفي اليتيمة من كتاب السير أن الذمي إذا وجب التعزير عليه فأسلم لم يسقط عنه، ولم أر حكم
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813