إلا النكاح على قول أبي حنيفة. وتمامها فيه. قوله: (وإن علا) كجده وجد جده إلى ما لا نهاية، سواء كان جده لأبيه أو لامه. قوله: (إلا إذا شهد الجد الخ) محل هذا الاستثناء بعد قوله: وبالعكس إذ الجد أصل لا فرع، وأنت خبير بأن هذه ليست من جزئيات شهادة الفرع لاصله بل الامر بالعكس، وحينئذ فلا محل له بعد قوله وبالعكس. وقياسه هنا أن يقال: إلا إذا شهد ابن الابن على أبيه لجده، وهذا تبع فيه صاحب الأشباه ابن الشحنة كما نقله منه في المنح، ويظهر لك بيانه قريبا.
ثم إن صاحب المحيط جعل ذلك في صورة مخصوصة، وهي ما إذا ولدت امرأة ولدا فادعت أنه من زوجها هذا وجحد الزوج ذلك فشهد أبوه وابنه على إقرار الزوج أنه ولده من هذه المرأة تقبل شهادتهما، لأنها شهادة على الأب اه. ومثله في الخانية.
أقول: وتتمة عبارتها: ولو شهد أبو المرأة وجدها على إقرار الزوج بذلك لا تقبل شهادتهما لأنهما يشهدان لولدهما، ولو ادعى الزوج ذلك والمرأة تجحد فشهد عليها أبوها أنها ولدت وأقرت بذلك اختلفت فيه الرواية. قال في الأصل: لا تقبل شهادتهما في رواية هشام، وتقبل في رواية أبي سليمان. وإذا شهد الرجل لابن ابنه على ابنه جازت شهادته انتهت. ونقلها في التتارخانية بحروفها.
ووجه الأولى أنها شهادة على الابن للمرأة صريحا بجحوده وادعائها، وفي الثانية بالعكس، والقبول في الأولى يقتضي القبول في الثانية وترجيح رواية أبي سليمان، إذ لا فرق يظهر، ولم يصر الولد المجحود ابن ابن إلا بعد الشهادة في المسألتين، وعلى هذا فلا فرق بين الأموال والنسب في القبول.
وفي المنح عن شرح العلامة عبد البر نقلا عن الخانية: القبول مطلقا من غير تقييد بحق. قال المصنف: ولعل وجه القبول أن إقدامه على الشهادة على ولده وهو أعز عليه من ابنه دليل على صدقه فتنفي التهمة التي ردت لأجلها الشهادة، وهذا خلاف ما مشى عليه صاحب البحر من أنه مقيد بشهادة الأب على إقرار ابنه ببنوة ولده في الأموال ونقله قبله أنها لا تقبل، وحمله على أنها في غير مسألة المحيط المذكورة، وتعقب المصنف كلامه بكلام ابن الشحنة.
ونص قاضيخان فيمن لا تقبل شهادته للتهمة أو إذا شهد الرجل لابن ابنه على ابنه جازت شهادته كما ذكرنا اه.
قال الشلبي في فتاويه: سئلت عما لو شهدت الام لبنتها على بنت لها أخرى هل تقبل شهادتهما؟
فأجبت بما حاصله: إن شهادة الام على إحدى البنتين وإن كانت مقبولة لكن لما تضمنت الشهادة للأخرى ردت فلا تقبل شهادتهما للتهمة، والله الموفق. ويشهد لما أجبت به قول الزيلعي رحمه الله تعالى في كتاب النكاح: ولو تزوجها بشهادة ابنيهما ثم تجاحدا لا تقبل مطلقا لأنهما يشهدان لغير المنكر منهما اه. ثم أجاب عن سؤال الآخر بما نصه: شهادة الأب على ولده لابنته غير صحيحة، والله تعالى أعلم اه.
أقول: ويظهر على اعتماد عدم القبول أيضا لأنه منطوق المتون، فتأمل. قوله: (قال) أي صاحب الأشباه. قوله: (إلا إذا شهد على أبيه لامه) في مال لا طلاق ادعته عليه كما في تنوير الأذهان