والخلاصة: لا تقبل إلا في أربعة، ولما في الجوهرة: إذا شهد الزوج الحر لزوجته فردت ثم أبانها وتزوجت غيره ثم شهد لها بتلك الشهادة لم تقبل لجواز أن يكون توصل بطلاقها إلى تصحيح شهادته، وكذا إذا شهدت لزوجها ثم أبانها ثم شهدت له اه. ولما في البدائع: لو شهد الفاسق فردت أو أحد الزوجين لصاحبه فردت ثم شهدا بعد التوبة والبينونة لا تقبل. ولو شهد العبد أو الصبي أو الكافر فردت ثم عتق وبلغ وأسلم وشهد في تلك الحادثة بعينها تقبل.
ووجه الفرق أن الفاسق والزوج لهما شهادة في الجملة فإذا ردت لا تقبل بعد، بخلاف الصبي والعبد والكافر إذ لا شهادة لهم أصلا اه. كذا في الشرنبلالية.
وفيها قال في الفتاوى الصغرى: لو شهد المولى لعبده في النكاح فردت ثم شهد له بذلك بعد العتق لم يجز، لان المردود كان شهادة. ثم قال: والصبي أو المكاتب إذا شهد فردت ثم شهدها بعد البلوغ والعتق جاز، لان المردود لم يكن شهادة بدليل أن قاضيا لو قضى به لا يجوز. فإذا عرفت يسهل عليك تخريج المسائل أن المردود لو كان شهادة لا تجوز بعد ذلك أبدا، ولو لم يكن شهادة تقبل عند اجتماع الشرائط اه. ولكن يشكل عليه شهادة الأعمى، إذ لو قضى بها جاز فهي شهادة وقد حكم بقبولها بزوال العمى. قوله: (ومحدود في قذف) أي بسببه، وقيد به لان الرد في غيره للفسق وقد ارتفع بالتوبة. وأما فيه فلان عدم قبول شهادتهم من تمام الحد والحد لا يزول بالتوبة، وأشار به إلى أن الشهادة لا ترد بالقذف مؤبدا بل بالحد. قوله: (تمام الحد) أي لا تسقط شهادته ما لم يضرب تمام الحد، لان الحد لا يتجزأ فما دونه لا يكون حدا وهو صريح المبسوط، لان المحدود من ضرب الحد: أي تماما، لان ما دونه يكون تعزيرا غير مسقط لها وهو ظاهر الرواية. قوله: (وقيل بالأكثر) كما هو رواية، وقد علمت أن ظاهر الرواية تمامه، واختاره في المحيط لان المطلق يحمل على الكمال. وفي رواية: ولو بسوط كما في المنبع، ولا فرق في عدم إتمامه بين أن يكون ضرب ناقصا أو فر قبل إتمامه، لأنه ليس بحد حينئذ. قوله: (وإن تاب) إن وصلية: أي لا تقبل شهادة المحدود في القذف وإن تاب.
قوله: (بتكذيبه نفسه) الباء للسببية: أي بسبب تكذيبه نفسه لان تكذيبه ناشئ عن كذبه وكذبه ذنب يقتضي التوبة، فليس التكذيب توبة لصحة الشهادة، ويمكن أن تكون الباء للتصوير، ويؤيده ما في الشرنبلالية فراجعها وتأمل. قوله: (لان الرد) أي رد شهادة المحدود في القذف. قوله: (من تمام الحد بالنص) وهو قوله تعالى: * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) * (النور: 4) ووجه الاستدلال أن الله تعالى نص على الأبد وهو ما لا نهاية له، والتنصيص عليه ينافي القبول في وقت ما، وأن معنى قوله لهم للمحددين في القذف وبالتوبة لم يخرج عن كونه محدودا في قذف، ولأنه يعني رد الشهادة من تمام الحد لكونه مانعا عن القذف كالجلد والحد وهو الأصل فيبقى بعد التوبة لعدم سقوطه بها، فكذا تتمة اعتبارا له بالأصل كما في العناية.
وفي العيني على الهداية: وإنما كان رد الشهادة من تمام الحد: أي لكون تمام الحد مانعا: أي عن القذف لكونه زاجرا لأنه يؤلم قلبه كالجلد يؤلم بدنه، ولأن المقصود منه رفع العار عن المقذوف وذلك في إهدار قول القاذف أظهر، لأنه بالقذف آذى قلبه فجزاؤه أن لا تقبل شهادته. لأنه فعل لسانه وفاقا لجريمته فيكون من تمام الحد فيبقى: أي الرد بعد التوبة كأصله: أي كأصل الحد اعتبارا بالأصل اه.