تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٤
شرب دردي الخمر والامتشاط به ولا يحد شاربه إلا إذا سكر.
____________________
طعما أو ريحا حكم بطهارته اه‍. قال رحمه الله: (وخل الخمر سواء خللت أو تخللت) يعني خل الخمر فلا فرق في ذلك بين أن يتخلل بنفسه أو تخلل بإلقاء شئ فيه كالملح أو الخل أو النقل من الظل إلى الشمس أو بإيقاد النار بالقرب منها خلافا للشافعي إذا تخلل بالقاء شئ فيها كالملح. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام نعم الادم الخل (2) مطلقا فيتناول جميع صورها ولان بالتخليل إزالة الوصف المفسد وثبات صفة الصلاح كالذبائح فالتخليل أولى لما فيه من إحراز مال يصير حلالا ثم فعل ذلك غير حكمه من الحرمة إلى الحل ومن النجاسة إلى الطهارة ألا ترى أن ظرفها كان طاهرا تنجس بها فإذا طهر بالتخليل طهر جميع أجزائه وأجزاء إنائه هو الصحيح. وقيل: لا يطهر لأنه تنجس بإهانة الخمر ولم يوجد ما يوجب طهارته فيبقى على ما كان. ولو غسل بالخل فتخلل من ساعته طهر للاستحالة، وكذا إذا صب منه الخمر ثم ملئ خلا يطهر في الحال. وفي المحيط: ولو كان الخل فيه حموضة غالبة وطعم المرارة فإنه لا يحل ما لم تزل من كل وجه، وعندهما يحل واعتبر الغالب منها. ولو صب في المرقة خمر فطبخ لم يحل لأنه تنجس قبل الطبخ فلا يحل بالطبخ ولا يحد شاربه لأنه شرب المرق النجس، ولو عجن الدقيق بالخمر صار نجسا.
قال رحمه الله: (وكره شرب دردي الخمر والامتشاط به) لأن فيه أجزاء الخمر فكان حراما نجسا والانتفاع بمثله حرام ولهذا لا يجوز أن يداوي به جرحا ولا أن يسقي ذميا ولا صبيا والوبال على من سقاه، وكذا لا يسقيه الدواب، وقيل لا يحمل الخمر إلى من يفسدها ويصيرها خلا ويحمل ما يفسدها إلى الخمر كما لا يحمل الميتة إلى الكلب، وكذا الدردي في الخل فلا بأس به لأنه يصير خلا لكنه يباح حمل الخمر إليه لا عكسه. قال رحمه الله: (ولا يحد شاربه إلا إذا سكر) يعني لا يحد شارب دردي الخمر إلا إذا سكر. وقال الشافعي: يحد شاربه سكر أو لم يسكر لأن الحد يجب في الخمر بشرب قطرة وفي الدردي قطرات. قلنا: وجوب الحد للزجر فيما ترغب النفس فيه وتميل إليه والنفس لا ترغب في شرب الدردي ولا تميل إليه فكان ناقصا فأشبه غير الخمر من الأشربة فلا حد ما لم يسكر، ودردي الخمر هو التفل.
ويكره الاحتقان بالخمر واقطاره في الإحليل لأنه انتفاع بالنجس المحرم، وتقدم الكلام فيما إذا أخبر به طبيب حاذق. وفي المحيط: ولو سقى شاة خمرا لا يكره لحمها ولبنها لأن الخمر وإن كانت باقية في معدتها فلم يختلط بلحمها، وإن استحالت الخمر لحما فيجوز كما لو استحالت خلا إلا إذا سقاها كثيرا بحيث يؤثر في رائحتها الخمر فإنه يكره لحمها.

(1) رواه أبو داود في كتاب الأطعمة باب 39. النسائي في كتاب الايمان باب 21. ابن ماجة في كتاب الأطعمة باب 33.
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480