تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٣١٢
الإبل وذبح البقر والغنم وكره عكسه وحل ولم يذك جنين بذكاة أمة
____________________
أنه عليه الصلاة والسلام كان في سفر فند بعير من الإبل ولم يكن معهم حبل فرماه رجل منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما فعل منها فافعلوا به هكذا. رواه البخاري ومسلم. ولأنه قد تحقق العجز عن الذكاة الاختيارية فصار إلى البدل.
وفي النوازل: لو أن بقرة تعسر عليها الولادة فأدخل صاحبها يده وذبح الولد حل أكله، وإن جرحها في غير موضع الذبح إذا كان لا يقدر على ذبحه يحل، وإن كان يقدر لا يحل اه‍.
وفي المحيط: فإن أصاب قرنه أو ظفره أو حافره فإن أدماه ووصل للحم حل أكله وإلا فلا لأن الذكاة تصرف في محل الحياة، وإن أبان عنه غير الرأس فمات يؤكل كله إلا ما أبان من الحي فهو ميت ولا يظهر فيه حكم الذكاة ولا كذلك إذا بان الرأس لأنه لا يتصور حياة الجسد مع إبانة الرأس. وإن تعلق منه جلدة فإن كان يلتئم ويتدبل لو تركه حل أكله وإلا فهو مبان، ولو قطع الصيد نصفين طولا وعرضا حل، ولو أبان طائفة من الناس البدن إن كان أقل من النصف لا يحل المبان، وإن كان النصف يصح كلاهما اه‍. قال رحمه الله: (وسن نحر الإبل وذبح البقر والغنم وكره عكسه وحل) وإنما كان هذا الفعل مسنونا لأنه هو المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) * (البقرة: 67) وقال تعالى * (فصل لربك وانحر) * (الكوثر: 2) قالوا: المراد نحر الجزور، وفي البقر والغنم الذبح أيسر، وفي الإبل النحر أيسر وإنما كره العكس لترك السنة. والنحر قطع العروق في أسفل العنق عند الصدر، والذبح قطع العروق من أعلى العنق تحت اللحيين. وفي الجامع الصغير:
والسنة في النحر أن ينحر قائما. وفي الشاة والبقر أن تذبح مضطجعة اه‍. وفيه أيضا: ولا بأس بالذبح في الحلق كله أسفله وأوسطه وأعلاه لأن ما بين اللبة واللحيين وهو الحلق ولان كله مجتمع العروق فصار حكم الكل واحدا. فإن قلت: هذا ينافي في ما تقدم من التقييد قلنا: لا لأن النحر في أسفله. قال رحمه الله: (ولم يذك جنين بذكاة أمه) يعني لا يصير الجنين مذكى بذكاة أمه حتى لا يحل أكله بذكاتها وهذا عند الامام زفر والحسن رحمهما الله تعالى.
وقال أبو يوسف ومحمد وجماعة أخر: إذا تم خلقه حل أكله بذكاتها لقوله عليه الصلاة والسلام ذكاة الجنين ذكاة أمه (1) ولقوله عليه الصلاة والسلام لما قيل له إنا ننحر الناقة ونذبح الشاة وفي بطنها الجنين أنلقيه أم نأكله؟ قال: كله إن شئت فإن ذكاته ذكاة أمه. ولأنه جزء من أمه حقيقة لكونه متصلا بها وحكما حتى يدخل في الأحكام الواردة على الام من البيع والهبة والعتق. وللامام قوله تعالى * (إن الله حرم الميتة) * (البقرة: 173) وهو اسم لحيوان مات من غير ذكاة والجنين مات حتف أنفه فيحرم بالكتاب. ويكره ذبح الشاة إذا

(1) رواه الترمذي في كتاب الصيد باب 10. أبو داود في كتاب الأضاحي باب 17. ابن ماجة في كتاب الذبائح باب 15. الدارمي في كتاب الأضاحي باب 17. أحمد في مسنده (3 / 31، 39).
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 308 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480