عليه الغفلة والسهو لأن اشتراط العدالة يغني عنهما. وفي شرح الروض: وينبغي للإمام أن يسأل أهل العلم المشهورين في عصره عمن يصلح للفتوى ليمنع من لا يصلح ويتوعده بالعقوبة بالعود وليكن المفتي متنزها عن خوارم المروءة، فقيه النفس، سليم الذهن. حسن التصرف والاستنباط، ولو كان المفتي عبدا أم امرأة أو أعمى أو أخرس بالإشارة وليس هو كالشاهد في رد فتواه لقربة وجر نفع ودفع ضر وعداوة فهو كالراوي لا كالشاهد وتقبل فتوى من لا يكفر ولا يفسق ببدعة كشهادته ا ه. وفي تلقيح المحبوبي أن الإشارة من المفتي الناطق يعمل بها فلا يختص بالأخرس. وفي القنية رامز العين الأئمة المكي: أشار المفتي برأسه مكان قوله نعم فللمستفتي أن يعمل به. ورمز للنوازل عن أبي القاسم مثله، ورمز لظهير الدين المرغيناني لا لأن إشارة الناطق لا تعتبر ا ه. وسيأتي أنه ينبغي أن يكون المفتي كالقاضي في أوصاف الكمال. وفي الظهيرية: ولا بأس للقاضي أن يفتي من لم يخاصم إليه ولا يفتي أحد الخصمين فيما خوصم إليه ا ه قوله: (ولا ينبغي أن يكون القاضي فظا غليظا جبارا عنيدا) لأن المقصود منه وهو إيصال الحقوق إلى أهلها لا يحصل به. وفي المصباح: رجل فظ شديد غليظ القلب يقال منه فظ بفظ من باب تعب فظاظة إذا غلظ حتى يهاب في غير موضعه، وغلظ الرجل اشتد فهو غليظ وفيه غلظة أي غير لين ولا سلس، وأغلظ له في القول إغلاظا عنفه ا ه. والجبار في الخلق الحامل غيره على الشئ قهرا وغلبة وفي أسمائه تعالى الذي جبر خلقه على ما أراد من أمره ونهيه. والعنيد من عاند فلان عنادا من باب قاتل إذا ركب الخلاف والعصيان، وعانده معاندة عارضه وفعل مثل فعله. قال الأزهري: المعاند المعارض بالخلاف لا بالوفاق وقد يكون مباراة بغير خلاف ا ه. وفسره في المغرب بمن يظهر له الحق فيأباه. وذكر مسكين أن الفظ هو الجافي سئ الخلق والغليظ قاسي القلب، والجبار من جبره على الامر بمعنى أجبره أي لا يجبر غيره على ما يريه، والعنيد المعاند المجانب للحق المعادي لأهله.
قوله: (وينبغي أن يكون موثوقا به في عفافه وعقله وصلاحه وفهمه وعلمه بالسنة والآثار ووجوه الفقه) ويكون شديدا من غير عنق، لينا من غير ضعف، لأن القضاء من أهم أمور المسلمين فكل من كان أعرف وأقدر وأوجه وأهيب وأصبر على ما يصيبه من الناس كان أولى. وينبغي للسلطان أن يتفحص في ذلك ويولي من هو أولى لقوله عليه الصلاة والسلام من قلد إنسانا عملا وفي رعيته من هو أولى فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين والموثوق به من وثقت به أثق بكسرهما ثقة ووثوقا ائتمنته وهو وهي وهم ثقة لأنه مصدر، وقد يجمع في الذكور والإناث فيقال ثقات، والعفاف بالفتح من عف عن الشئ يعف من باب ضرب عفة بالكسر امتنع عنه فهو عفيف، كذا في المصباح. وفسره الكرماني شارح البخاري بالكف