البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٨٢
الصلاة والخروج من البيت) يعني فماتت فإنه يكون ضامنا ولا يكون دمها هدرا لأنه مباح ومنفعته ترجع إليه كما ترجع إلى المرأة من وجه وهو استقامتها على ما أمر الله تعالى به. وقد ظهر بهذا أن كل ضرب كان مأمورا به من جهة الشارع فإن الضارب لا ضمان عليه بموته، وكل ضرب كان مأذونا فيه بدون الامر فإن الضارب يضمنه إذا مات لتقييده بشرط السلامة كالمرور في الطريق. وظهر أن الزوج لا يجب عليه ضرب زوجته أصلا، وظهر به أيضا أن له ضربها في أربعة مواضع لكن وقع الاختلاف في جواز ضربها على ترك الصلاة فذكر هنا تبعا لكثير أنه يجوز، وفي النهاية تبعا لما في كافي الحاكم أنه لا يجوز له لأن المنفعة لا تعود إليه بل إليها، وليس في كلام المصنف ما يقتضي أنه ليس له ضربها في غير هذه الأربعة أشياء ولهذا قال الولوالجي في فتاواه: للزوج أن يضرب زوجته على أربعة أشياء وما في معناها. ففي قوله وما في معناها إفادة عدم الحصر فمما في معناها ما إذا ضربت جارية زوجها غيرة ولا تتعظ بوعظه فله ضربها، كذا في القنية. وينبغي أن يلحق به ما إذا ضربت الولد الذي لا يعقل عند بكائه لأن ضرب الدابة إذا كان ممنوعا فهذا أولى. ومنه ما إذا شتمته أو مزقت ثيابه أو أخذت لحيته أو قالت له يا حمار يا أبله أو لعنته، سواء شتمها أو لا على قول العامة. ومنه ما إذا شتمت أجنبيا، ومنه ما إذا كشفت وجهها لغير محرم أو كلمت أجنبيا أو تكلمت عامدا مع الزوج أو شاغبت معه ليسمع صوتها الأجنبي. ومنه ما إذا أعطت من بيته شيئا من الطعام بلا إذنه حيث كانت العادة لم تجربه، وإن كانت العادة مسامحة المرأة بذلك بلا مشورة الزوج فليس له ضربها. ومنه ما إذا ادعت عليه. وليس منه ما إذا طلبت نفقتها أو كسوتها وألحت لأن لصاحب الحق يدا لملازمة ولسان التقاضي، كذا أفاده في البزازية في مسائل الضرب من فصل الامر باليد، والمعنى الجامع للكل أنها إذا ارتكبت معصية ليس فيها حد مقدر فإن للزوج أن يعزرها كما أن للسيد ذلك بعبده، كذا في البدائع من فصل القسم بين النساء وهو شامل لما كان متعلقا بالزوج وبغيره. وقد صرحوا بأنه إذا ضربها بغير حق وجب عليه التعزير، ولا يخفي أنه إنما يجوز ضربها لترك الزينة إذا كانت قادرة عليها وكانت شرعية وإلا فلا كما أنه يجوز ضربها لترك الإجابة إذا كانت طاهرة عن الحيض وعن النفاس، وكما يجوز ضربها للخروج إذا كان الخروج بغير حق، وأما إذا كان بحق فليس له ضربها عليه، وقدمنا
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست