البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٨٨
المسروق منه، ولو أنه صدقه في الرجوع إلى المائة لا ضمان، كذا في فتح القدير. ولم يذكر المصنف صحة الرجوع عن الاقرار للعلم بأنه يصح الرجوع عن الاقرار بالحدود كلها إلا حد القذف. قال في الذخيرة: وإذا أقر بالسرقة ثم هرب لا يتبع وإن كان في فوره اه‍. بخلاف ما إذا شهدا عليه ثم هرب فإنه يتبع، كذا في الظهيرية. ولم يشترط المصنف عدم التقادم في هذه الحجة لأنه ليس بشرط في الاقرار، وشرط في البينة فلو أقر بسرقة متقادمة قطع ولو شهدا عليه بذلك لا كما في البدائع. وقدمناه وحد التقادم في السرقة هو حده في الزنا، كذا في الذخيرة. وأطلق في المقر فشمل الحر والعبد وسيأتي تفاصيلها في العبد. وقيد بالرجلين لأن شهادة النساء غير مقبولة فيه وكذا الشهادة على الشهادة وإن قبلت في حق المال. وأفاد المصنف بحصر الحجة فيما ذكر أنه لا يقطع بالنكول وإن ضمن المال، وأن العبد لا يقطع بإقرار مولاه عليه بها وإن لزم المال. ولم يقيد المصنف الاقرار بالطواعية. قال في الظهيرية:
وإذا أقر بالسرقة مكرها فإقراره باطل، ومن المتأخرين من أفتى بصحته، وسئل الحسن بن زياد أيحل ضرب السارق حتى يقر؟ قال: ما لم يقطع اللحم لا يتبين العظم ولم يزد على هذا ا ه‍. وفي التجنيس: لا يفتى بعقوبة السارق لأنه جور ولا يفتى به.
وفي الظهيرية: هل ينبغي للسارق أن يعلم صاحب المتاع أنه سرق متاعه؟ إن كان لا يخاف أن يظلمه متى أخبره يخبره ليصل إلى حقه، وإن كان يخاف لا يخبره لأنه معذور في ترك الاخبار ولكن يوصل الحق إليه بطريق آخر. وإذا قضى القاضي بالقطع ببينة أو إقرار ثم قال المسروق منه هذا متاعه لم يسرقه مني إنما كنت أودعته أو قال شهد شهودي بزور أو قال أقر هو بباطل أو ما أشبه ذلك سقط عنه القطع، ويستحب للإمام أن يلقن السارق حتى لا يقر بالسرقة لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقال: أسرق ما إخاله سرق؟ ولأنه احتيال للدرء.
وقوله إخاله بكسر الهمزة معناه أظنه، وبالفتح كذلك وكلاهما فعل مضارع من المخيلة وهي الظن إلا أن الحديث جاء بالكسر. وإذا شهد كافران على كافر ومسلم بسرقة مال لا يقطع الكافر كما لا يقطع المسلم، ولو شهدا أنه سرق من فلان ثوبا فقال أحدهما إنه هروي وقال الآخر إنه مروي - بسكون الراء - ذكر في نسخ أبي سليمان أنه على الخلاف اعتبارا باختلاف الشاهدين في لون البقرة، وذكر في نسخة أبي حفص أنه لا تقبل الشهادة اجماعا اه‍. ولم يذكر المصنف سؤال الشاهدين. وفي الهداية: وينبغي أن يسألهم الإمام عن كيفية السرقة وماهيتها وزمانها ومكانها لزيادة الاحتياط كما مر في الحدود، ويحبسه إلى أن يسأل عن
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست