البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٧١
قوله: (ومن قذف مملوكا أو كافرا بالزنا أو مسلما بيا فاسق يا كافر يا خبيث يا لص يا فاجر يا منافق يا لوطي يا من يلعب بالصبيان يا آكل الربا يا شارب الخمر يا ديوث يا مخنث يا خائن يا ابن القحبة يا زنديق يا قرطبان يا مأوى الزواني أو اللصوص يا حرام زاده عزر) لأنه جناية قذف في المسألتين الأوليين وقد امتنع وجوب الحد لفقد الاحصان فوجب التعزير وفيما عداهما قد أذاه وألحق الشين به ولا مدخل للقياس في الحدود فوجب التعزير وهو ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة. أما الكتاب فقوله تعالى * (واهجروهن في المضاجع واضربوهن) * (النساء: 34) وأما السنة فكثيرة منها تعزيره عليه السلام رجلا قال لغيره يا مخنث، وحبس عليه السلام رجلا بالتهمة وأجمعت الأمة على وجوبه في كبيرة لا توجب الحد أو جناية لا توجب الحد، كذا في التبيين فصار الحاصل أن كل من ارتكب معصية ليس فيها حد مقدر وثبت عليه عند الحاكم فإنه يجب التعزير من نظر محرم ومس محرم وخلوة محرمة وأكل ربا ظاهر، ومن ذلك ما في القنية: مسكينة أخذت كسرة خبز من خباز فضربها حتى صرعها ليس له ذلك ويعزر اه‍. ويؤخذ منه أن من أخذ مال أحد ليس له ضربه حيث أمكنه رفعه إلى الحاكم إلا أن يقال إنه لقلة قيمتها ولكونها مسكينة ومن ذلك الاستخفاف بالمسلم كما في القنية: ومنه المسلم إذا باع الخمر فإنه يضرب ضربا وجيعا بخلاف الذمي حتى يتقدم إليه، فإن باع في المصر بعد التقديم ثم أسلم لم يسقط الضرب، كذا في القنية. وفي فتاوي القاضي: من يتهم بالقتل والسرقة وضرب الناس يحبس ويخلد في السجن إلى أن يظهر التوبة. وقد ذكروا في كتاب الكفالة أن التهمة تثبت بشهادة مستورين أو واحد عدل، فظاهره أنه لو شهد عند الحاكم واحد مستور وفاسق بفساد شخص ليس للحاكم حبسه بخلاف ما إذا كان عدلا أو مستورين فإنه له حبسه. وقال المصنف فيها: ولا يحبس في الحدود والقصاص حتى يشهد شاهدان أو واحد عدل اه‍. وتقدير مدة الحبس راجعة إلى الحاكم كما لا يخفى.
وفي فتح القدير: ويعزر من شهد شرب الشاربين والمجتمعون على شبه الشرب وإن لم يشربوا ومن معه ركوة خمر، والمفطر في نهار رمضان يعزر ويحبس، والمسلم يأكل الربا يعزر ويحبس، وكذا المغني والمخنث والنائحة يعزرون ويحبسون حتى يحدثوا توبة، وكذا من قبل أجنبية أو عانقها أو لمسها بشهوة اه‍. وفي شرح الطحاوي: والأصل في وجوب التعزير أن كل من ارتكب منكرا أو آذى مسلما بغير حق بقوله أو بفعله وجب عليه التعزير إلا إذا كان الكذب
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست