البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٥٥
الذي قضى على الرجل بالرجم قال: القياس أن يحد قاذفها لأن القاضي إنما قضى عليه لا عليها لكني أستحسن أن لا أحد قاذفها ثم قال: وكما يزول الاحصان بالزنا من كل وجه يزول بالزنا من وجه، فكل وطئ حرم لعدم ملك المتعة من وجه فهو زنا من كل وجه وذلك كوطئ الأجنبية، وكل وطئ حرم مع قيام ملك المتعة من كل وجه لعارض كوطئ المرأة في حالة الحيض لا يزول به الاحصان. وإذا وطئ أمته المجوسية لا يزول إحصانه لقيام ملك المتعة من كل وجه. ولو اشترى أمة وطئها أبوه أو وطئ هو أمها ووطئها فقذفه إنسان فلا حد على القاذف بالاجماع، وكذا لو اشترى أخته من الرضاعة ووطئها سقط إحصانه لأن الحرمة هنا ثابتة على سبيل التأبيد بخلاف ما تقدم. ولو اشترى أمة لمس أمها أو بنتها بشهوة أو نظر إلى فرج أمها أو بنتها بشهوة أو نظر أبوه أو ابنه إلى فرجها بشهوة ووطئها قال أبو حنيفة: لا يزول إحصانه ويحد قاذفه. وقالا: يزول إحصانه ولا يحد قاذفه. وكذلك على الاختلاف إذا تزوج امرأة بهذه الصفة ووطئها ا ه‍. وجعل في الخانية من وطئ بنكاح فاسد كمن وطئ الجارية المشتركة في عدم وجوب الحد على القاذف. والحاصل أن من زنى أو وطئ بشبهة أو بنكاح فاسد في عمره أو وطئ من هي محرمة عليه على التأبيد سقط إحصانه ومالا فلا، كذا في شرح الطحاوي.
قوله: (فلو قال لغيره لست لأبيك أو لست بابن فلان في غضب حد وفي غيره لا) أي وإن قال له ذلك في حالة الرضا فلا حد لأنه عند الغضب يراد به حقيقته سبا له وفي غيره يراد به المعاتبة بنفي مشابهته له في أسباب المروءة. ثم اعلم أنه قد وقع في الهداية مسألتان:
الأولى قال: ومن نفى نسب غيره وقال لست لأبيك فإنه يحد، وهذا إذا كانت أمة مسلمة حرة لأنه في الحقيقة قذف لامه لأن النسب إنما ينفى عن الزاني لا عن غيره. الثانية قال لغيره في غضب لست بابن فلان لأبيه الذي يدعي له يحد ولو قال في غير غضب لا يحد وعلله بما ذكرناه، فظاهره أنهما مسألتان مختلفتان صورة وحكما لأن في المسألة الأولى قد نفاه عن أبيه من غير تعرض للأب الذي يدعى إليه، وحكمها وجوب الحد مطلقا سوءا كان في غضب أو رضا، لأنه لم يفصل. وفي المسألة الثانية قد نفاه عن أبيه المعين الذي يدعي إليه وحكمها التفصيل، وقد حمل بعضهم المسألة الأولى على التفصيل في الثانية وهو أنه إن كان في حالة الغضب حد لا في غيره. وجزم به في غاية البيان ولم يتعقبه في فتح القدير وهو بعيد لما صرح به في الكافي للحاكم الشهيد بقوله: وإن قال لرجل يا ولد الزنا أو يا ابن الزنا أو لست لأبيك وأمه حرة مسلمة فعليه الحد، بلغنا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست