البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٥٤
المعطى. قال كيف تبيع اللحم قال ثلاثة أرطال بدرهم فقال أخذت فزن فله أن يزن ولا يلزم، وإن وزن فله أن لا يعطي وللمشتري أن لا يأخذ، وإن قبضه المشتري أو جعله البائع في وعاء بإذن المشتري تم البيع وفيه انعقاده بالاعطاء من جانب. حلف لا يشتري أو لا يبيع فباع أو اشترى بالتعاطي قيل وقيل اه‍. وقدمنا أنه لو أمره بالوزن ولم يبين موضعا فوزن له لا يكون بيعا ولو بين له كان بيعا، وقد ذكره في فتح القدير هنا على العكس فليتأمل. واعلم أن الإقالة تنعقد بالتعاطي أيضا من أحد الجانبين على الصحيح كالبيع كما في البزازية. وفي القنية: دفع إلى بائع حنطة خمسة دنانير ليأخذ منه حنطة وقال له بكم تبيعها فقال مائة بدينار فسكت المشتري ثم طلب منه الحنطة ليأخذها فقال البائع غدا أدفع إليك ولم يجر بينهما بيع وذهب المشتري فجاء غدا ليأخذ الحنطة وقد تغير السعر فليس للبائع أن يمنعها منه بل عليه أن يدفعها بالسعر الأول. قال رضي الله عنه: وفي هذه الواقعة أربعة مسائل: أحدها الانعقاد بالتعاطي. الثانية الانعقاد به في الخسيس والنفيس وهو الصحيح. الثالثة الانعقاد به من جانب واحد. والرابعة كما ينعقد بإعطاء المبيع ينعقد بإعطاء الثمن اه‍. قلت: وفيها مسألة خامسة أنه ينعقد به ولو تأخرت معرفة المثمن لكون دفع الثمن قبل معرفته. وفي المجتبي معزيا إلى النصاب: عليه دين فطالب رب الدين به فبعث إليه شعيرا قدرا معلوما وقال خذه بسعر البلد والسعر لهما وقال معلوم كان بيعا وإن لم يعلماه فلا. ومن بيع التعاطي تسليم المشتري ما اشترى إلى من يطلبه بالشفعة في موضع لا شفعة فيه، وكذا تسليم الوكيل بعدما صار شراؤه لنفسه إلى الموكل إذا قبضه الآمر وأنكر الامر وقد اشترى له، كذا في المجتبى وذكر مسألتي الوديعة والخياط المتقدمتين. ومنه لو ادعى بيعا وبرهن بشهود زور والقضاء إذا رضي الآخر به على قول أبي يوسف، كذا في المجتبى. يعني وإن قالا بأن القضاء بشهادة الزور لا ينفذ باطنا يقولا بالانعقاد بالتعاطي بعده. ثم اعلم أنه إنما ينعقد بالتعاطي بشرط أن لا يصرح معه بعدم الرضا، فلو قبض الدراهم الثمن وأخذ صاحبها البطاطيخ والبائع يقول لا أعطيكها أو حلف فإنه لا يصح البيع، وتمامه في القنية والله أعلم قوله: (وأي قام عن المجلس قبل القبول بطل الايجاب) لكونه امتناعا عن إتمام العلة لا إبطالا لها، وهذا لأن إيجاب البائع أحد شطري العلة والحكم إذا تعلق بعلة ذات وصفين كان للأول حكم السبب وللثاني حكم العلة، فلما لم يكن للأول قبل القبول حكم العلة لا يكون إبطال الايجاب بالقيام
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»
الفهرست