البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٥٢
قال بعتك هذا بغير ثمن كان باطلا ولا يكون مجازا عن الهبة مع أنه أتى بمعناها، وكذا لو قال أجرتك داري شهرا بغير شئ لا يكون عارية مع أنه أتى بمعناها، وكذا لو قال اشتريت منك خدمة عبدك هذا شهرا بكذا وكذا فهو إجارة فاسدة، وكذا لو قال بعت منك منافع هذه الدار شهرا بكذا فهي إجارة فاسدة فلم تعتبر المعنى والمسائل في الخلاصة والخانية بخلاف ما إذا قال أعرتك داري شهرا بكذا فهي إجارة، وكذا وهبتك منافعها شهرا بكذا اعتبارا للمعنى. وحقيقة التعاطي وضع الثمن وأخذ المثمن عن تراض منهما من غير لفظ، وهو يفيد أنه لا بد من الاعطاء من الجانبين لأنه من المعاطاة وهي مفاعلة فتقتضي حصولها من الجانبين كالمضاربة والمقاسمة والمخاصمة، وعليه أكثر المشايخ كما ذكره الطرسوسي وأفتى به الحلواني.
وفي البزازية أنه المختار، وصح في فتح القدير أن اعطاء أحدهما كاف، ونص محمد على أن بيع التعاطي يثبت بقبض أحد البدلين وهذا ينتظم المبيع والثمن. ونصه في الجامع على أن تسليم المبيع يكفي لا ينفي الآخر. واكتفى الكرماني بتسليم المبيع مع بيان الثمن، أما إذا دفع الثمن ولم يقبض المبيع لا يجوز لأن المبيع أصل إلا إذا كان بيع مقايضة، كذا في البزازية. فقد تحرر أن في المسألة ثلاثة أقوال. وفي القاموس: التعاطي التناول. وهكذا في الصحاح والمصباح. وهو إنما يقتضي الاعطاء من جانب والاخذ من جانب لا الاعطاء من الجانبين كما فهم الطرسوسي. وأصل الاختلاف إنما نشأ من كلام الإمام محمد فإنه ذكر بيع التعاطي في مواضع فصوره في موضع بالاعطاء من الجانبين ففهم البعض أنه شرط، وصوره في موضع بالاعطاء من أحدهما ففهم البعض بأنه يكتفي به، وصوره في موضع بتسليم المبيع ففهم البعض على أن تسليم الثمن لا يكفي كما ذكره في الذخيرة وصورته من أحدهما أن يتفقا على الثمن ثم يأخذ المشتري المتاع ويذهب به برضا صاحبه من غير دفع الثمن أو يدفع الثمن المشتري للبائع ثم يذهب من غير تسليم المبيع فإن البيع لازم على الصحيح حتى لو امتنع أحدهما بعده أجبره القاضي. وهذا فيما ثمنه غير معلوم، أما الخبز واللحم فلا يحتاج فيه إلى بيان الثمن كما في البزازية. ومن بيع التعاطي حكما ما إذا جاء المودع بأمة غير المودعة وقال هذه أمتك والمالك يعلم أنها ليست إياها وحلف فأخذها حل الوطئ للمودع بأمة غير المودعة وقال هذه أمتك والمالك يعلم أنها ليست إياها وحلف فأخذها حل الوطئ للمودع وكان بيعا بالتعاطي. وعن أبي يوسف: لو قال للخياط ليست هذه بطانتي فحلف الخياط أنها هي وسعه أخذها. وينبغي تقييده فيما إذا كانت العين ملكا للدافع، أما إذا لم تكن ملكا له فلا. ومنه قول الدلال للبزاز إن هذا الثوب بدرهم فقال ضعه، وكذا بكم تبيع قفيز حنطة
(٤٥٢)
مفاتيح البحث: البيع (11)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»
الفهرست