البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٥١
لو كان حاضرا يخاطبها بالنكاح فلم تجب في مجلس الخطاب ثم أجابته في مجلس آخر فإن النكاح لا يصح، وفي الكتاب إذا بلغها وقرأت الكتاب ولم تزوج نفسها منه في هذا المجلس ثم زوجت نفسها منه في مجلس آخر عند الشهود وقد سمعوا كلامها وما في الكتاب يصح لأن الغائب إنما صار مخاطبا لها بالكتاب وهو باق في المجلس الثاني اه‍. وفي الخبازية معزيا إلى المبسوط: لو كتب إليه بعني بكذا فقال بعت تم البيع وقد طعنوا فيه بأنه لا ينعقد بالامر من الحاضر فكيف بالامر من الغائب. وأجاب في المعراج بأن مراد محمد بيان الفرق بين النكاح والبيع في شرط الشهود لا بيان اللفظ، أو يقال بعني من الحاضر استيام ومن الغائب إيجاب وفيه نوع تأمل اه‍. وفي النهاية معزيا إلى شرح الطحاوي: يصح الرجوع عن الرسالة علم الرسول أو لم يعلم اه‍.
وفي وكالة البزازية والخلاصة: لا يصح عزل الرسول بدون علمه اه‍. فعلى هذا يفرق بين الرجوع والعزل قوله: (وبتعاط) أي ويلزم البيع بالتعاطي أيضا لأن جوازه باعتبار الرضا وقد وجد. وقد بناه في الهداية على أن المعتبر في هذه العقود هو المعنى والإشارة إلى العقود التمليكية كما في المعراج فخرج الطلاق والعتاق فإن اللفظ فيهما يقام مقام المعنى قال: ولا يلزم على أصحابنا شركة المفاوضة فإنهم قالوا: إنها تنعقد بلفظ المفاوضة فقط لأن عقد المفاوضة لما توقف على شروط لا يهتدي إلى استيفائها العوام في معاملاتهم حتى لو كانا عالمين بشروطها فعقدوها بلفظ آخر مع استيفاء الشروط صح، كذا في شرح المجمع اه‍. وفي فتح القدير بعد نقل ما في المعراج: وأنت تعلم أن إقامة اللفظ مقام المعنى أثر في ثبوت حكمه بلا نية ليس غير، فإذا قارنت هذه العقود ذلك اقتضى أن لا يثبت بمجرد اللفظ بلا نية فلا يثبت بلفظ البيع حكمه إلا إذا أراده به، وحينئذ فلا فرق بين بعت وأبيع في توقف الانعقاد به على النية، ولذا لا ينعقد بلفظ بعت هزلا فلا معنى لقوله ينعقد بلفظ الماضي ولا ينعقد بلفظ المستقبل اه‍. وهذا سهو فإن المراد أن البيع لا يختص بلفظ وإنما يثبت الحكم إذا وجد معنى التمليك والتملك بخلاف الطلاق والعتاق فإنه لا يعتبر المعنى فيهما وإنما تعتبر الألفاظ الموضوعة لهما، صريحا كان أو كناية، ولذا قالوا: لو قال لها طلقي نفسك نصف تطليقة فطلقت نفسها واحدة لم يقع وإن كان الطلاق لا يتجزى، وإذا قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت عشرا لا يقع وإن كان الطلاق لا مزيد له على الثلاثة. ثم اعلم أن المعنى وإن كان معتبرا في البيع ونحوه خاصة لا بد من صحة الاستعارة إذا كان اللفظ مجازا ولذا قالوا: لو
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست