البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٤١
على أن من قال لغيره بعت منك هذا العبد بكذا فقال المشتري قبلت أن ا لبيع لا ينعقد بينهما ما لم يقل البائع بعد ذلك أجزت، وبه قال بعض المشايخ. وهذا لأن البائع لما قال بعت منك فقد ملك العبد من المشتري فإذا قال المشتري اشتريت فقد تملك العبد وملكه الثمن فلا بد من إجازة البائع بعد ذلك ليملك الثمن، وعامة المشايخ على أنه لا يحتاج إلى إجازة البائع بعد ذلك اه‍. وهو الصحيح وهكذا روي عن محمد اه‍. وينبغي حفظه لغرابته ولأنه إذا أوجب أحدهما فللآخر أن لا يقبل لأنه لا يلزمه حكم العقد بدون رضاه، وللموجب أن يرجع لخلوه عن إبطال حق الغير لأن الموجب أثبت له حق أن يتملك مع ثبوت حقيقة الملك له والحقيقة مقدمة على الحق، ولا بد من سماع الآخر رجوع الموجب كما في التتارخانية. وفي التتمة:
يصح الرجوع وإن لم يعلم به الآخر وإنما يمتد خيار القبول إلى آخر المجلس لكونه جامعا للمتفرقات فاعتبرت ساعاته ساعة واحدة دفعا للعسر وتحقيقا لليسر وسيأتي بيان ما يبطله.
وأشار باللزوم بهما إلى أنهما لو أقرا ببيع ولم يكن بينهما حقيقة لم ينعقد كما في الصيرفية، وإلى نفي خيار المجلس عندنا، ولولا هذه الإشارة لكان التعبير بالانعقاد تبعا للقوم أولى لأن المترتب عليهما إنما هو الانعقاد، وأما اللزوم فموقوف على شرائط أخر مخصوصة كما في إيضاح الاصلاح. وأثبته الشافعي عملا بحديث البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا البيعان بالخيار ما لم يتفرقا (1) وأوله أبو يوسف بتفرق الأبدان بعد الايجاب قبل القبول، وأوله محمد تبعا لإبراهيم النخعي بتفرق الأقوال بناء على أن المراد بالخيار فيه خيار القبول، واعتمده في الهداية بأن في الحديث إشارة إليه فإنهما متبايعان حالة المباشرة لا بعدها، ويؤيده قوله تعالى * (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) * (النساء: 131) فإن الفرقة تحصل بقولهما وإن داما جالسين، وهو مبني على أن اسم الفاعل حقيقة في الحال وفيه نظر، لأن تسميتهما متبايعين قبل تمام العقد مجاز آخر، وإذا تعذر الحمل على الحقيقة تعين المجاز، وإذا تعارض المجازان فالأقرب إلى الحقيقة أولى، كذا في فتح الباري. وقال البيضاوي: ومن نفى خيار المجلس ارتكب مجازين، حمله التفرق على الأقوال، وحمله المتبايعين على المتساومين.
وأيضا فكلام الشارع يصان عن الحمل عليه لأنه يصير التقدير أن المتساومين إن شاءا عقدا وإن شاءا لم يعقدا وهو تحصيل الحاصل اه‍. وقد استدل في البناية بقوله تعالى * (أوفوا بالعقود) * (المائدة: 1) والبيع عقد فيجب الوفاء به، وبقوله تعالى * (واشهدوا إذا تبايعتم) *
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»
الفهرست