البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٣٩
رحمه الله تعالى: وقد صح عند أصحاب السير أن النبي صلى الله عليه وسلم أتجر لخديجة رضي الله تعالى عنها لكن قبل البعثة بخمسة عشر سنة فإنه بعث على رأس الأربعين وخرج تاجرا إلى الشام لخديجة رضي الله تعالى عنها لما بلغ خمسا وعشرين سنة قبل أن يتزوجها بشهرين وخمسة وعشرين يوما، وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه تاجرا في البز، وكان عمر رضي الله تعالى عنه في الطعام، وعثمان رضي الله تعالى عنه في التمر والبز، وعباس رضي الله عنه في العطر، ومن هنا قال أصحابنا: أفضل الكسب بعد الجهاد التجارة ثم الحراثة ثم الصناعة اه‍. وأما دليله فالكتاب والسنة والاجماع والمعقول وهو العاشر من مواضعه (فرع حسن) من خزانة الفتاوى بيع ما يساوي درهما بألف درهم في غير رواية الأصول يجوز ولا يلزم في قول أبي يوسف وقال محمد يكره اه‍. قوله: (البيع يلزم بإيجاب وقبول) أي حكم البيع يلزم بهما لأنه جعلهما غيره وأنه يلزم بهما مع أن البيع ليس إلا هما لأنهما ركناه على ما حققناه، وما قيل أنه معنى شرعي كما قدمناه فليس هو إلا الحكم فالمتحقق من الشرع ليس إلا ثبوت الحكم المعلوم من تبادل الملكين عند وجود الفعلين أعني الشطرين بوضعهما سببا له شرعا وليس هنا شئ ثالث، كذا حققه في فتح القدير. وقد يقال: لا حاجة إلى هذا التكلف إذ يصح الكلام بدونه لأن الانعقاد - كما في العناية - تعلق كلام أحد العاقدين بالآخر شرعا. وفي البناية أنه انضمام كلام أحدهما للآخر على وجه يظهر أثره في المحل اه‍. وهو أمر ثالث غير الايجاب والقبول والبيع مجموع الثلاثة فصح التركيب. وفي شرح الوقاية من كتاب النكاح: فالعقد ربط أجزاء التصرف أي الايجاب والقبول شرعا لكن هنا أريد بالعقد الحاصل بالمصدر وهو الارتباط لكن النكاح الايجاب والقبول مع ذلك الارتباط. وإنما قلنا هذا لأن الشرع يعتبر الايجاب والقبول أركان عقد النكاح لا أمورا خارجية كالشرائط ونحوها، وقد ذكرت في شرح التنقيح في فصل النهي كالبيع فإن الشرع يحكم بأن الايجاب والقبول الموجودين حسا يرتبطان ارتباطا حكميا فيحصل معنى شرعي يكون ملك المشتري أثرا له فذلك المعنى هو البيع، فالمراد بذلك المعنى المجموع المركب من الايجاب والقبول مع ذلك الارتباط للشئ لا أن البيع مجرد ذلك المعنى الشرعي والايجاب والقبول آلة له كما توهم البعض لأن كونهما أركانا ينافي ذلك اه‍. وهو تقرير حسن. وقال في كتاب البيع: المبادلة علة صورية للبيع، والايجاب والقبول والتعاطي علة مادية، والمبادلة تكون بين اثنين فهي العلة الفاعلية وسكت عن العلة الغائية هنا وذكرها في النكاح وهي هنا الملك وثمة المصالح المتعلقة بالنكاح، وذكر الشمني أن المعنى أنه ينعقد بمجموع الايجاب والقبول اه‍. وفي القاموس: عقدت الحبل
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»
الفهرست