البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٥٨
حضر مالكها ليس له نقض البيع إن كان البيع بأمر القاضي، وإن باع بغير أمر القاضي وهي قائمة فإن شاء أجاز البيع وأخذ الثمن، وإن شاء أبطل البيع وأخذ عين ماله، وإن هلكت إن شاء ضمن البائع وعند ذلك ينفذ البيع من جهة البائع في ظاهر الرواية وبه أخذ عامة المشايخ. وذكر الإمام السرخسي أن المودع إذا باع الوديعة وهلكت وضمنه المالك فهو كالملتقط اه‍. وفي الذخيرة: والحاصل أن الإمام يصير ناظرا فيفعل ما يراه أصلح في حق صاحب اللقطة اه‍. وفي الحاوي: الدفع بعد الاشهاد إلى القاضي أجود ليفعل القاضي الأصلح. وفي المجتبى: والتصدق بيده في زماننا أولى من الدفع إلى الحاكم، وقد مر في كتاب التوبة لقاضي القضاة عبد الجبار المتكلم أن الواجب فيها أن يتصدق بنفسه ولا يلقيه في يد غيره لأنه لا يعلم هل يؤديها إلى مستحقها أو لا اه‍. وقيدنا بالتصدق على الفقراء لما في الهداية أنه لا يتصدق باللقطة على غني - زاد في الحاوي - ولا مملوك غني ولا ولد غني صغير، واستثنى من التصدق باللقطة ما إذا عرف أنها لذمي فلا يتصدق بها وكانت في بيت المال للنوائب، كذا في التتارخانية. وفي القنية: وما يتصدق به الملتقط بعد التعريف وغلبة ظنه أنه لا يوجد صاحبه لا يجب إيصاؤه، وإن كان يرجو وجود المالك وجوب الايصاء اه‍.
وإذا أمسكها وخشي الموت يوصي بها كيلا تدخل في الميراث ثم الورثة أيضا يعرفونها، ومقتضى النظر أنهم لو لم يعرفوها حتى هلكت وجاء صاحبها أن يضمنوا لأنهم وضعوا أيديهم على لقطة ولم يشهدوا أي لم يعرفوا ويغلب على الظن بذلك أن قصدهم تعميتها ويجري فيهم خلاف أبي يوسف، كذا في فتح القدير. وقد يقال: إن التعريف عليهم غير واجب حيث عرفها الملتقط.
قوله: (فإن جاء ربها نفذه أو ضمن الملتقط) أي إن جاء مالكها بعد تصدق الملتقط خير بين إمضاء الصدقة والثواب له وبين تضمين الملتقط لأن التصدق وإن حصل بإذن الشرع لم يحصل بإذنه فيتوقف على إجازته. أطلق في التنفيذ فشمل ما بعد هلاك العين لأن الملك يثبت للفقير قبل الإجازة فلا يتوقف على قيام المحل بخلاف بيع الفضولي فإنه يشترط لصحة إجازته قيام العين لثبوت الملك بعد الإجازة فيه، وإما تضمين الملتقط فلكونه سلم ماله إلى غيره بغير إذنه إلا أنه بإباحة من جهة الشرع وهذا لا ينافي الضمان حقا للعبد كما في تناول مال الغير حالة المخمصة. وأطلق فيه فشمل ما إذا كان التصدق بأمر القاضي وهو الصحيح لأن أمره لا يكون أعلى من فعله والقاضي لو تصدق بها كان له أن يضمنه فكذا له أن يضمن من أمره القاضي ولذا أطلق المصنف في الملتقط فشمل القاضي، ولذا قال في الذخيرة: وإذا مال
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست