البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٥٦
كان صبيا عرفها وليه - زاد في القنية - أو وصيه. ثم له أن يتصدق بها. وسكت عن حكم تمليكها للصبي لو كان فقيرا لأنه يعلم بالأولى، وينبغي أن لا تجوز الصدقة بها من وليه أو وصيه لما في ذلك من الاضرار على احتمال أن لا يجيز مالكها إذا حضر والعين هالكة من يد الفقير فإنه يضمنها من مال الصبي وليس في إمساكها أو تمليكها ضرر. ثم رأيت بعد ذلك في شرح منظومة ابن وهبان للمصنف أنه قال: ينبغي على قول أصحابنا إذا تصدق بها الأب أو الوصي ثم ظهر صاحب اللقطة وضمنها أن يكون الضمان في مالهما دون الصبي اه‍.
وإذا صح هذا البحث فلا إشكال في جواز تصدقهما حينئذ. وفي القاموس: التعريف الاعلام. وفي التتارخانية قال أبو الحسن: له أن يأمر غيره ويعطيها حتى يعرفها يريد إذا عجز عن التعريف بنفسه اه‍. فأفاد جواز الاستنابة في التعريف لكن في الحاوي القدسي: لو دفعها إلى غيره بغير إذن القاضي ضمن اه‍.
وأطلق المصنف في تعريفها وهو مقيد بما في الهداية فإن كانت اللقطة شئ يعلم أن صاحبها لا يطلبها كالنواة وقشر الرمان يكون إلقاؤه إباحة حتى جاز الانتفاع به من غير تعريف ولكنه يبقى على ملك مالكه لأن التمليك من المجهول لا يصح. وفي البزازية: لو وجدها مالكها في يده له أخذها إلا إذا قال عند الرمي من أخذها فهي له لقوم معلومين، ولم يذكر السرخسي هذا التفصيل. وكذا الحكم في التقاط السنابل لكن أخذه بعد جمع غيره يعد دناءة. وأطلق في الهداية في النواة وقشور الرمان وقيده في البزازية بأن يكون في مواضع متفرقة قال: أما المجتمعة فهي من قبيل ما يطلبه صاحبه فيحفظه وإن وجد جوزة ثم وثم حتى بلغ المتقوم إن مجتمعا فهو من الثاني، وإن متفرقا له قيمة اختلفوا، قيل من الأول، وقيل من الثاني وهو الأحوط. وذكر في الفتاوى المختار أنه من النوع الأول التفاح والكمثري إن وجد في الماء يجوز أخذه وإن كثيرا لأنه يفسد بالماء والحطب في الماء إن لم يكن له قيمة يأخذه وإن له قيمة فهو لقطة. وجعل في الفتاوى الحطب كالتفاح بالماء، أصابوا بعيرا مذبوحا في البادية قريبا من الماء ووقع في ظنه أن مالكه أباحه لا بأس بالأخذ والاكل. وعن الثاني لو طرح ميتة فجاء آخر وأخذ صوفها له الانتفاع به، ولو جاء مالكها له أن يأخذ الصوف منه، ولو سلخها ودبغ يأخذه المالك ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه اه‍. وفي المحيط: أناخ رجل إبله في دار رجل يؤاجرها الجلد واجتمع من ذلك بعر كثير، فإن كان من رأى صاحب الدار أن يجمع ذلك له فهو له لأنه أعد الدار للاحراز، وإن لم يكن من رأيه أن يجمعه بل يترك ذلك
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست