البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٢٩
على الردة لأنه لو أسلم تكون الدية في الكسبين جميعا مات أو لم يمت. وأشار بقوله خاصة إلى أنه لو لم يكن له كسب إسلام وإنما له كسب الردة فإن الجناية هدر عنده خلافا لهما، كذا في فتح القدير. وفيه نظر والصواب أن الدية في كسب الردة لأنها كالدين وقدمنا عن أبي حنيفة في الدين ثلاث روايات، وفي رواية يقضي دين الاسلام من كسبه ودين الردة من كسبها، وفي رواية يقضي من كسب الردة إلا أن لا يفي فمن كسب الاسلام، وفي رواية عكسه وهي الصحيحة فلم يرد أن دين الردة هدر فكيف يقال في جنايته مع وجود كسب الردة أنها هدر والظاهر أنه سهو ولذا قال في التتارخانية والولوالجية: فإن لم يكن له إلا كسب الاسلام أو إلا كسب الردة تستوفى الدية منه، وإن كان له الكسبان قالا يستوفي منهما. وقال الإمام: تستوفي من كسب الاسلام أولا فإن فضل شئ استوفى الفضل من كسب الردة اه‍.
وفي فتح القدير: وعلى هذا لو غصب مالا فأفسده يجب ضمانه في مال الاسلام وعندهما في الكل اه‍. وفي غاية البيان: إن حكم ما اغتصبه أو أتلفه كذلك عنده في كسب الاسلام فإن فضل شئ كان في كسب الردة. وفي التتارخانية: هذا إذا ثبت الغصب والاتلاف بالمعاينة، فإن ثبت بإقرار المرتد فعندهما يستوفي من الكسبين، وعنده من كسب الردة، كذا ذكر شيخ الاسلام اه‍. وينبغي أن يكون القتل خطأ كذلك لكونه متهما في إقراره لحق الورثة. وفي فتح القدير الولوالجية: وجناية العبد والأمة والمكاتب المرتدين كجنايتهم في غير الردة لأن الملك فيهما قائم بعد الردة والمكاتب يملك إكسابه في الردة فيكون موجب جنايته في كسبه والجناية على المماليك المرتدين هدر اه‍. ولم يذكر المصنف حكم الجناية على المرتد بقطع يده أو رجله لكونه قد علم من قوله أولا لا يضمن قاتله بالأولى. وذكر محمد في الأصل أن الجاني لا يضمن. سواء مات المرتد من ذلك القطع على الردة أو مات مسلما حيث كان القطع وهو مرتد، وأما إذا كان القطع وهو مسلم والسراية إلى النفس وهو مرتد فهي المسألة الآتية.
والواو في قوله ولحق بمعنى ثم وقيد به لأنه لو قتل في دار الحرب ثم جاء تائبا فلا شئ عليه، وكذا لو غصب أو قذف لأن فعله لم ينعقد موجبا لصيرورته في حكم أهل الحرب، وأما إذا فعل شئ قبل اللحاق ثم لحق فما كان من حقوق العباد كالقتل والغصب والقذف يؤخذ به، وما كان من حقوق الله تعالى كبقية الحدود فإنه يسقط لأن اللحاق كالموت يورث شبهة، كذا في البدائع.
قوله: (ولو ارتد بعد القطع عمدا أو مات أو لحق وجاء مسلما فمات منه ضمن القاطع
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست