البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٣١
أصلهما فظاهر لأن كسب الردة ملكه إذا كان حرا فكذا إذا كان مكاتبا، وأما عند أبي حنيفة فلان المكاتب إنما يملك إكسابه بالكتابة والكتابة لا تتوقف بالردة فكذا إكسابه ألا ترى أنه لا يتوقف تصرفه بالأقوى وهو الرق فكذا بالأدنى وهو الردة. ومعنى قوله أخذ بماله بالبناء للمفعول أنه أسر مع ماله وأبى أن يسلم فقتل وأورد عليه أنه إذا وفيت كتابته حكم بحريته في آخر جزء من أجزاء حياته فيتبين أن كسبه كسب مرتد حر فيكون فيأ عنده. وأجيب بأن الحكم بحريته إنما هو في الحقوق المستحقة بالكتابة وهي حرية نفسه وأولاده وملك كسبه رقبة وفيما عدا ذلك من الأحكام يعتبر عبدا ألا ترى أنه لا تصح وصيته وإن ترك وفاء لأن الوصية ليست من الحقوق المستحقة بالكتابة فكذا كسبه لا يكون فيأ لأن كسب العبد المرتد لا يكون فيئا فلا يجعل حرا في حقه والمكاتبة بدل الكتابة. وفي القاموس: المكاتبة التكاتب وأن يكاتبك عبدك على نفسه بثمنه فإذا أداه عتق اه‍. فإطلاق المكاتبة على البدل مجاز كما لا يخفى قوله: (ولو ارتد الزوجان ولحقا فولدت ولدا وولد له ولد فظهر عليهم فالولدان فئ ويجبر الولد على الاسلام لا ولد الولد) بيان لحكم ولد المرتدة وحاصله أنه إما أن يكون موجودا منفصلا حين الردة أولا، فإن كان الأول فإنه لا يكون مرتدا بردتهما معا لأنه ثبت له حكم الاسلام بالتبعية فلا تزول بردتهما إلا إذا لحقا به أو أحدهما إلى دار الحرب فإنه خرج عن الاسلام لأنه كان بالتبعية لهما أو للدار وقد انعدم الكل فيكون الولد فيئا ويجبر على الاسلام إذا بلغ كما تجبر الام عليه، فإن كان الأب ذهب به وحده والام مسلمة في دار الاسلام لم يكن الولد فيئا لأنه بقي مسلما تبعا لامه، وإن كان الثاني بأن ولد لهما ولد بعد لحوقهما فحكمه حكمهما من كونه فيئا ومن الجبر على الاسلام، سواء كان الحبل في دار الحرب أو في دار الاسلام ولذا أطلقه المصنف. وتقييده في الهداية بكون الحبل في دار الحرب اتفاقي ليعلم حكم ما إذا حبلت به في دار الاسلام بالأولى لأنه إذا أجبر على الاسلام مع بعده عنه ببعده عن داره فمع كونه أقرب إليه أولى كما في النهاية لكن ليس حكم هذا الولد كحكمهما من جهة القتل ولذا قال الولوالجي: لا يقتل لو أبى كولد المسلم إذا بلغ ولم يصف الاسلام يجبر عليه ولا يقتل. وإنما لم يجبر ولد الولد لأنه أما بالتبعية لجده أو لأبيه لا سبيل إلى الأول مع وجود أبيه ولا إلى الثاني لأن ردة أبيه كانت تبعا والتبع لا يستتبع خصوصا وأصل التبعية ثابتة على خلاف القياس لأنه لم يرتد حقيقة ولذا يجبر بالحبس لا بالقتل بخلاف أبيه، وإذا لم يتبع الجد فيسترق أو توضع عليه الجزية أو يقتل لأن حكمه حينئذ حكم سائر أهل الحرب إذا أسروا، وأما الجد فيقتل لا محالة لأنه المرتد بالأصالة أو يسلم، كذا في فتح القدير... واعلم
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست