البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٢٧
الخلافة بل لكونه مال حربي كما قدمناه فصار لبيت المال فلا يسترده كما أن الحربي الحقيقي لا يسترد ماله بعد إسلامه. وقيد بقوله بعد الحكم بلحاقه لأنه لو عاد مسلما قبله فحكمه كما إذا لم يرتد فلا يعتق مدبره وأم ولده ولا تحل ديونه وله إبطال ما تصرف فيه الوارث لكونه فضوليا.
قوله: (ولو ولدت أمة له نصرانية لستة أشهر منذ ارتد فادعاه فهي أم ولده وهو ابنه حر ولا يرثه ولو مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب) أما صحة الاستيلاد فلما قدمنا أنه لا يفتقر إلى حقيقة الملك، وأما الإرث فلان الام إذا كانت نصرانية فالولد تبع له لقربه إلى الاسلام للجبر عليه فصار في حكم المرتد والمرتد لا يرث أحدا، ولم يجعل مسلما تبعا للدار لأنها عند عدم الأبوين فقط، أما إذا كانت مسلمة فالولد مسلم تبعا لها لأنها خيرهما دينا، والمسلم يرث المرتد. أراد بالنصرانية الكتابية ولو يهودية، والتقييد بالستة لنفي الأقل فإنها إذا جاءت به لأقل منها فالولد يرث من أبيه المرتد للتيقن بوجوده في البطن قبل الردة فيكون مسلما تبعا للأب بخلافه للستة لعدم التيقن كما في النهاية لا لنفي الأكثر ولذا عبر في الهداية بالأكثر. زاد فتح القدير ولو إلى عشر سنين. قوله: (وإن لحق المرتد بماله فظهر عليه فهو فئ) أي ماله غنيمة يوضع في بيت المال بالاجماع لا لورثته لسقوط عصمة ماله تبعا لعصمة نفسه. وقيد بالمال لأن المرتد بعد الظهور لا يسترق وإنما يقتل إن لم يسلم، ولا يشكل كون ماله فيأ دون نفسه لأن مشركي العرب كذلك. وفي المغرب: ظهر عليه غلب، وظهر على اللص غلب وهو من قولهم ظهر فلان السطح إذا علاه وحقيقته صار على ظهره اه‍. فعلى هذا ظهر في كلام المصنف بالبناء للمفعول. قوله: (فإن رجع وذهب بماله وظهر عليه فلوارثه) لأنه انتقل إليهم بقضاء القاضي بلحاقه فكان الوارث مالكا قديما.
وحكمه أنه إن وجده قبل القسمة أخذه بغير بدل، وإن وجده بعدها أخذه بقيمته إن شاء، وإن كان مثليا فقد تقدم أنه لا يؤخذ لعدم الفائدة، كذا في فتح القدير. والمثلي وارد على المصنف مع أن في عبارته إيهام أن يأخذه بغير شئ مطلقا، ولم يقيد المصنف أن يكون رجوعه بعد الحكم بلحاقه تبعا للجامع الصغير فأفاد أنه لا فرق بين أن يكون بعده أو قبله، أما إذا كان بعده فظاهر لتقرر الملك للوارث بالقضاء بلحاقه، وأما قبله فلان عوده وأخذه ولحاقه ثانيا يرجح جانب عدم العود ويؤكده فيتقرر موته، وما احتيج للقضاء باللحاق لصيرورته ميراثا إلا ليترجح عدم عوده فيتقرر إقامته ثمة فيتقرر موته، فكان رجوعه ثم عوده ثانيا بمنزلة القضاء. وفي بعض روايات السير جعله فيأ لأن بمجرد اللحاق لا يصير المال
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست