هذا مذهب أهل الكوفة ومالك، ونقل عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. ولا فرق بين أن يجئ تائبا من نفسه أو شهد عليه بذلك بخلاف غيره من المكفرات فإن الانكار فيها توبة فلا تعمل الشهادة معه حتى قالوا يقتل وإن سب سكران ولا يعفى عنه، ولا بد من تقييده بما إذا كان سكره بسبب محظور باشره مختارا بلا إكراه وإلا فهو كالمجنون. قال الخطابي: لا أعلم أحدا خالف في وجوب قتله وأما مثله في حقه تعالى فتقبل توبته في إسقاط قتله اه.
وعلله البزازي بأنه حق تعلق به حق العبد فلا يسقط بالتوبة كسائر حقوق الآدميين وكحد القذف لا يزول بالتوبة، وصرح بأن سب واحد من الأنبياء كذلك. وقوله في فتح القدير في إسقاط القتل يفيد أن توبته مقبولة عند الله تعالى وهو مصرح به. الثانية الردة بسب الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقد صرح في الخلاصة والبزازية بأن الرافضي إذا سب الشيخين وطعن فيهما كفر، وإن فضل عليا عليهما فمبتدع، ولم يتكلما على عدم قبول توبته. وفي الجوهرة: من سب الشيخين أو طعن فيهما كفر ويجب قتله، ثم إن رجع وتاب وجدد الاسلام هل تقبل توبته أم لا؟ قال الصدر الشهيد: لا تقبل توبته وإسلامه ونقتله وبه أخذ الفقيه أبو الليث السمرقندي وأبو نصر الدبوسي وهو المختار للفتوى اه. وحيث لا تقبل توبته علم أن سب الشيخين كسب النبي صلى الله عليه وسلم فلا يفيد الانكار مع البينة كما تقدم عن فتح القدير لأنا نجعل إنكار الردة توبة إن كانت مقبولة كما لا يخفى. الثالثة لا تقبل توبة الزنديق في ظاهر المذهب وهو من لا يتدين بدين، وأما من يبطن الكفر والعياذ بالله تعالى ويظهر الاسلام فهو المنافق ويجب أن يكون حكمه في عدم قبولنا توبته كالزنديق لأن ذلك في الزنديق لعدم الاطمئنان إلى ما يظهر من التوبة إذا كان قد يخفى كفره الذي هو عدم اعتقاده دينا والمنافق مثله في الاخفاء، وعلى هذا فطريق العلم بحاله إما بأن يعثر بعض الناس عليه أو يسره إلى من إن أمن إليه، والحق أن الذي يقتل ولا تقبل توبته هو المنافق فالزنديق إن كان حكمه ذلك فيجب أن يكون مبطنا كفره الذي هو عدم التدين بدين ويظهر تدينه بالاسلام أو غيره إلى أن ظفرنا به وهو عربي وإلا لو فرضناه مظهرا لذلك حتى تاب يجب أن لا يقتل وتقبل توبته كسائر الكفار المظهرين لكفرهم إذا أظهروا التوبة، وكذا من علم أنه ينكر في الباطن بعض الضروريات كحرمة الخمر ويظهر اعتقاد حرمته، كذا في فتح القدير. وفي الخانية قالوا: إن جاء الزنديق قبل أن يؤخذ فأقر أنه زنديق فتاب عن ذلك تقبل توبته وإن