ردة يحكم بها به وما يشك أنه ردة لا يحكم بها إذ الاسلام الثابت لا يزول بشك مع أن الاسلام يعلو، وينبغي للعالم إذا رفع إليه هذا أن لا يبادر بتكفير أهل الاسلام مع أنه يقضي بصحة إسلام المكره. أقول: قدمت هذه لتصير ميزانا فيما نقلته في هذا الفصل من المسائل فإنه قد ذكر في بعضها أنه كفر مع أنه لا يكفر على قياس هذه المقدمة فليتأمل اه. وفي الفتاوى الصغرى: الكفر شئ عظيم فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر اه. وقال قبله وفي الجامع الأصغر، إذا أطلق الرجل كلمة الكفر عمدا لكنه لم يعتقد الكفر قال بعض أصحابنا: لا يكفر لأن الكفر يتعلق بالضمير ولم يعقد الضمير على الكفر. وقال بعضهم: يكفر وهو الصحيح عندي لأنه استخف بدينه اه. وفي الخلاصة وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنع التكفير فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينا للظن بالمسلم. زاد في البزازية إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل حينئذ. وفي التتارخانية: لا يكفر بالمحتمل لأن الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية ومع الاحتمال لا نهاية اه. والحاصل أن من تكلم بكلمة الكفر هازلا أو لاعبا كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده كما صرح به قاضيخان في فتاواه، ومن تكلم بها مخطأ أو مكرها لا يكفر عند الكل، ومن تكلم بها عالما عامدا كفر عند الكل، ومن تكلم بها اختيارا جاهلا بأنها كفر ففيه اختلاف، والذي تحرر أنه لا يفتي بتكفير مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة، فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتى بالتكفير بها ولقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشئ منها. وأما مسألة تكفير أهل البدع المذكورة في الفتاوي فقد تركتها عمدا لأن محلها أصول الدين وقد أوضحها المحقق في المسايرة.
قوله: (يعرض الاسلام على المرتد) أي يعرضه الإمام والقاضي وهو مروي عن عمر رضي الله عنه لأن رجاء العود إلى الاسلام ثابت لاحتمل أن الردة كانت باعتراض شبهة لم يبين صفته، وظاهر المذهب استحبابه فقط ولا يجب لأن الدعوة قد بلغته وعرض الاسلام هو الدعوة إليه ودعوة من بلغته الدعوى غير واجبة ولم يذكر تكرار العرض عليه. وفي الخانية:
يعرض عليه الاسلام في كل يوم من أيام التأجيل. قوله: (وتكشف شبهته) بيان لفائدة العرض أي فإن كان له شبهة أبداها كشفت عنه لأنه عساه اعترضت له شبهة فتزاح عنه.
قوله: (ويحبس ثلاثة أيام فإن أسلم وإلا قتل) لأنها مدة ضربت لابداء الاعذار وهو مروي عن عمر رضي الله عنه. أطلقه فأفاد أنه يمهل وإن لم يطلبه وهو رواية، وظاهر الرواية أنه لا يمهل بدون استمهال بل يقتل من ساعته كما في الجامع الصغير إلا إذا كان الإمام يرجو