البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٧٤
قالوا: والرهن للمرتهن بدينه عند أبي يوسف، وعند محمد يباع ويستوفى دينه والزيادة فئ للمسلمين وينبغي ترجيحه لأن ما زاد على قدر الدين في حكم الوديعة وهي فئ، فلو قال المصنف وصار ما له فيئا لكان أولى لأنه لا يخص الوديعة لأن ما عند شريكه ومضاربه وما في بيته في دارنا كذلك، وفي وجهين يبقى ماله على حاله فيأخذه إن كان حيا أو ورثته إن مات. الأول أن يظهروا على الدار فيهرب. الثاني أن يقتلوه ولم يظهروا على الدار أو يموت لأن نفسه لم تصر مغنومة فكذلك ماله. ولو عبر بالدين بدل القرض لكان أولى ليشمل سائر الديون. ثم اعلم أن ماله وإن كان غنيمة لا خمس فيه وإنما يصرف كما يصرف الخراج والجزية لأنه مأخوذ بقوة المسلمين من غير قتال بخلاف الغنيمة لأنه مملوك بمباشرة الغانمين وبقوة المسلمين. وفي التتارخانية: وديعته فئ لجماعة المسلمين عند أبي يوسف. وقال محمد: تكون فيئا للسرية التي أسرت الرجل ويعتق مدبره الذي دبره في دارنا وأم ولده بأسره. وفي المغرب: ظهر عليه غلب وظهر على اللص غلب اه‍. فينبغي ضبط المختصر بالبناء للمجهول كما لا يخفى، ولم أر حكم ما إذا كان على المستأمن دين لمسلم أو ذمي أدانه له في دارنا ثم رجع، ولا يخفى أنه باق لبقاء المطالبة وينبغي أن يوفى من ماله المتروك ولو صارت وديعته فيئا اه‍.
قوله: (وإن جاءنا حربي بأمان وله زوجة ثم وولد ومال عند مسلم أو ذمي أو حربي فأسلم هنا ثم ظهر عليهم فالكل فئ) بيان لحكم ما تركه المستأمن في دار الحرب ثم صار من أهل دارنا إما بإسلامه أو بصيرورته ذميا فتقييده بإسلامه في المختصر ليفهم منه حكم الآخر بالأولى. أما المرأة وأولاده الكبار فلأنهم حربيون كبار وليسوا بأتباع، وكذلك ما في بطنها لو كانت حاملا لما قلنا إنه جزؤها، وأما أولاده الصغار فلان الصغير إنما يتبع أباه في الاسلام عند اتحاد الدار ومع تباين الدارين لا يتحقق ولذا أطلق في الولد ليشمل الكبير والصغير والجنين. ولو سبى الصبي في هذه المسألة وصار في دار الاسلام فهو مسلم تبعا لأبيه لأنهما اجتمعا في دار واحدة بخلاف ما قبل إخراجه وهو فئ على كل حال. وأما أمواله فإنها لا تصير محرزة بإحراز نفسه لاختلاف الدارين فبقي الكل غنيمة وعمم المودع لعدم الفرق. فإن قلت: قوله عليه السلام عصموا مني دماءهم وأموالهم يخالفه. قلت: هذا باعتبار الغلبة يعني المال الذي في يده وما هو في معناه بالعرف لأن من دأب الشرع بناء الحكم على الغلبة،
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست