البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٧٥
كذا في البناية قوله: (وإن أسلم ثمة فجاءنا فظهر عليهم فولده الصغير حر مسلم وما أودعه عند مسلم أو ذمي فهو له وغيره فئ) بيان لحكم متروك الحربي إذا أسلم في دار الحرب وجاء إلينا مسلما وترك أمواله وأولاده ثم ظهرنا على أهل الحرب. أما الولد الصغير فهو تبع لأبيه حين أسلم إذا الدار واحدة فكان حرا مسلما، وما كان من وديعة له عند مسلم أو ذمي فهو له لأنه في يد محترمة ويده كيده وما سوى ذلك فئ، فأما المرأة وأولاده الكبار فلما قلنا، وأما المال الذي في يد الحربي فلانه لم يصر معصوما لأن يد الحربي ليست يدا محترمة، وشمل غيره العين المغصوبة في يد المسلم أو الذمي فيكون فيئا لعدم النيابة، كذا في فتح القدير قوله: (ومن قتل مؤمنا خطأ لا ولي له أو حربيا جاءنا بأمان فأسلم فديته على عاقلته للإمام) لأنه قتل نفسا معصومة خطأ فيعتبر بسائر النفوس المعصومة. ومعنى قوله للإمام أن حق الاخذ له لأنه لا وارث له لا أنه يملكه الإمام بل يوضع في بيت المال وهو المقصود من ذكره ههنا وإلا فحكم القتل الخطأ معلوم ولذا لم ينص على الكفارة لما سيأتي في الجنايات فإنه لا ولي له، ولو اقتصر على المسألة الأولى لشملت الثانية لأن الحربي إذا أسلم في دارنا ولم يكن معه وارث فإنه لا ولي له وإن كان له أولاد في دار الحرب قوله: (وفي العمد القتل أو الدية لا العفو) أي لو قتل من لا ولي له عمدا خير الإمام إن شاء قتله وإن شاء أخذ الدية لبيت المال لأنه النفس معصومة والقتل عمد والولي معلوم وهو السلطان لأنه ولى من لا ولى له كما في الحديث، وأخذه الدية بطريق الصلح برضا القاتل لأن موجب العمد هو القود عينا وهذا لأن الدية وإن كانت أنفع للمسلمين من قتله لكن قد يعود عليهم من قتله منفعة أخرى هو أن ينزجر أمثاله عن قتل المسلمين، وليس للإمام العفو لأن الحق للعامة وولايته نظرية وليس من النظر إسقاط حقهم من غير عوض. وشمل كلامه اللقيط فإن قتل خطأ فالدية للإمام قتله الملتقط أو غيره، وإن قتل عمدا خير كما في الكتاب وهو قولهما. وقال أبو يوسف: ليس له القصاص لأنه لا يخلو عن الوارث غالبا أو هو محتمل فكان فيه شبهة وهو يسقط بها. ولهما أن المجهول الذي لا يمكن الوصول إليه ليس بولي لأن الميت لا ينتفع به فصار كالعدم فتنتقل
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست