البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٧٣
الرجوع حتى يوفيها مهرها، وإن كان تزوجها في دار الحرب فليس لها ذلك اه‍. ويعلم منه حكم الدين الحادث في دارنا بالأولى، وظاهره أنها إذا منعته للمهر فلم يقدر على وفائه حتى مضى حول كان ذميا. وفي التتارخانية: لو أن جندا من أهل الشرك أو قوما من أهل الحصن استأمنوا وهم في معمعة القتال فأمنوهم وصاروا في أيدي المسلمين فأرادوا أن ينصرفوا إلى مأمنهم في دار الحرب لم يتركوا وصاروا ذمة اه‍. وقد تقدم في الهداية في آخر كتاب الطلاق أنه جعل الحربي بالتزوج في دار الاسلام ذميا فهو مناقض لما ذكره هنا وقدمنا جوابه قوله:
(فإن رجع إليهم وله وديعة عند مسلم أو ذمي أو دين حل دمه) أي فإن رجع المستأمن إلى دار الحرب فقد جاز قتله لأنه أبطل أمانه بالعود إليها، وظاهره أنه لا فرق بين كونه قبل الحكم بكونه ذميا أو بعده لأن الذمي إذا لحق بدار الحرب صار حربيا كما سيأتي، وجواز قتله بعوده ليس موقوفا على كونه له دين أو وديعة فلو أسقطه لكان أولى قوله: (فإن أسر أو ظهر عليهم سقط دينه وصارت وديعته في أوان قتل ولم يظهر أو مات فقرضه ووديعته لورثته) بيان لحكم أمواله المتروكة في دار الاسلام إذا رجع إلى دار الحرب فإن أمانه بطل في حق نفسه فقط، وأما في حق أمواله التي في دارنا فباق ولهذا يرد عليه ماله وعلى ورثته من بعده. وفي السراج: لو بعث من يأخذ الوديعة والقرض وجب التسليم إليه. وحاصل المسألة خمسة أوجه، ففي ثلاثة يسقط دينه وتصير وديعته غنيمة: الأول أن يظهروا على الدار ويأخذوه.
الثاني أن يظهروا ويقتلوه. الثالث أن يأخذوه مسببا من غير ظهور. فقوله فإن أسر بيان للثالث. وقوله أو ظهر عليهم بيان للأولين لأنه أعم من أن يقتلوه أولا لكن شامل لما إذا ظهر عليهم وهرب فإن ماله يبقى له كما سيأتي فلا بد من التقييد في الظهور عليهم بأن يأخذوه أو يقتلوه. وإنما صارت وديعته غنيمة لأنها في يده تقديرا لأن يد المودع كيده فيصير فيئا تبعا لنفسه. وإنما سقط الدين لأن إثبات اليد عليه بواسطة المطالبة وقد سقطت ويد من عليه أسبق إليه من يد العامة فتختص به فيسقط، وينبغي أن تكون العين المغصوبة منه كدينه لعدم المطالبة وليست يد الغاصب كيده. ولم يذكر المصنف حكم الرهن
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست