البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٩٢
وبهذا الحرف يقع الفرق بين هذا وبين ما إذا قال لامرأته إن اشتريت غلاما فأنت طالق فاشتراه لغيره أن اليمين تنحل لأن هناك لم يوجد ما يدل على إرادته الشراء لنفسه فإن الطلاق من قبله يقع على امرأته اشتراه لنفسه أو لغيره أما هنا بخلافه اه‍. وفي الظهيرية: رجل قال لامته إن بعت منك شيئا فأنت حرة ثم باع نصفها من الزوج الذي ولدت منه أو باع نصفها من أبيها لا يقع عتق المولى عليها باليمين، ولو كان البيع من الأجنبي وقع عتق المولى عليها.
والفرق أن الولادة من الزوج والنسب من الام مقدم فيقع ما تقدم سبيه أولا، وهذا المعنى لا يمكن اعتباره في حق الأجنبي، وكذا لو قال إن اشتريت من هذه الجارية شيئا فهي مدبرة ثم اشتراها هو وزوجها الذي ولدت منه فهي أم ولد لزوجها ولا يقع عليها تدبير المشتري للمعنى الذي أشرنا إليه اه‍. وقيد بكونه حلف بعتق العبد المبيع لأنه لو حلف لا يبيع أو علق طلاق زوجته على البيع أو عتق عبده على البيع فباع بيعا فيه خيار للبائع أو للمشتري لم يحنث في قول أبي يوسف، وحنث في قول محمد: قال محمد: سمعت أبا يوسف قال فيمن قال إن اشتريت هذا العبد فهو حر فاشتراه على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام فمضت مدة الثلاث ووجب البيع يعتق وهو على أصله صحيح لأن اسم البيع عنده لا يتناول البيع المشروط فيه الخيار فلا يصير مشتريا بنفس القبول بل عند سقوط الخيار والعبد في ملكه عند ذلك فيعتق.
وذكر القاضي الأسبيجابي في البيع بشرط خيار البائع أو المشتري أنه يحنث ولم يذكر الخلاف، وأصل فيه أصلا وهو أن كل بيع يوجب الملك أو تلحقه الإجازة يحنث به وما لا فلا، كذا في البدائع.
قوله: (وكذا بالفاسد والموقوف لا بالباطل) أي يحنث إذا عقد فاسدا أو موقوفا في المسألتين وهو مجمل لا بد من بيانه، أما في المسألة الأولى وهو ما إذا قال إن بعتك فأنت حر فباعه بيعا فاسدا فإن كان في يد البائع أو في يد المشتري غائبا عنه بأمانة أو رهن يعتق عليه لأنه لم يزل ملكه عنه، وإن كان في يد المشتري حاضرا أو غائبا مضمونا بنفسه لا يعتق لأنه بالعقد زال ملكه عنه. وأما في الثانية وهي ما إذا قال إن اشتريته فهو حر فاشتراه شراء فاسدا، فإن كان في يد البائع لا يعتق لأنه على ملك البائع بعد، وإن كان في يد المشتري وكان حاضرا عنده وقت العقد يعتق لأنه صار قابضا له عقب العقد فملكه، وإن كان غائبا في بيته أو نحوه، فإن كان مضمونا بنفسه كالمغصوب يعتق لأنه ملكه بنفس الشراء، وإن كان أمانة أو كان مضمونا بغيره كالرهن لا يعتق لأنه لا يصير قابضا عقب العقد، كذا في البدائع. وفي المحيط عن أبي يوسف: لو قال إن اشتريت عبدا فهو حر فاشترى عبدا شراء فاسدا ثم تتاركا البيع ثم اشتراه صحيحا قال: لا يعتق لأنه حنث في الشراء الفاسد لأنه شراء حقيقة فانحلت اليمين وارتفعت بخلاف النكاح. لو حلف وقال إن تزوجتك فأنت طالق فتزوجها فاسدا ثم تزوجها صحيحا طلقت لأن اليمين لم تنحل بالنكاح الفاسد لأنه ليس
(٥٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 ... » »»
الفهرست