البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٩١
يصدق قضاء لأنه خلا ف الظاهر وهو منهم، وقدمنا أن هذا الفرق بين الديانة والقضاء لا يتأتى في اليمين بالله تعالى لأن الكفارة لا مطالب لها. قوله: (إن بعته أو ابتعته فهو حر فعقد بالخيار حنث) لوجود الشرط في المسألة الأولى وهو البيع والملك فيه قائم فينزل الجزاء، وكذا في المسألة الثانية قد وجد الشرط وهو الشراء والملك قائم فيه. وقوله عقد بالخيار أي باع في الأولى وشرط الخيار لنفسه واشترى في الثانية وشرط الخيار لنفسه، وكون الملك موجودا في المسألة الأولى ظاهر لأنهم اتفقوا أن البائع إذا شرط الخيار لنفسه لا يخرج المبيع عن ملكه.
وأما في الثانية فكذلك عندهما لأن المبيع مملوك للمشتري عندهما، وأما عند الإمام فلان هذا العتق بتعليقه والمعلق كالمنجز، ولو نجز المشتري بالخيار العتق يثبت الملك سابقا عليه فكذا هذا. قيد بالخيار لأنه لو حلف لا يبيعه بأن قال إن بعته فهو حر فباعه بيعا صحيحا بلا خيار لا يعتق لأنه خرج عن ملكه وسيأتي حكم الفاسد والباطل. ولا يخفى أنه إذا باعه بشرط الخيار للمشتري أنه لا يعتق أيضا لأنه بات من جهته. وكذا إذا قال إن اشتريته فهو حر فاشتراه بالخيار للبائع لا يعتق أيضا لأنه باق على ملك بائعه كما صرح به في الذخيرة، وسواء أجاز البائع بعد ذلك أو لم يجز. وذكر الطحاوي أنه إذا أجاز البائع البيع يعتق لأن الملك يثبت عند الإجازة مستندا إلى وقت العقد بدليل أن الزيادة الحادثة بعد العقد قبل الإجازة تدخل في العقد، كذا في البدائع. وقيد بقوله إن ابتعته لأنه لو قال إن ملكته فهو حر فاشتراه بشرط الخيار لا يعتق عند الإمام لأن الشرط وهو الملك لا يوجد عنده لعدم الملك عنده كما عرف في بابه. وقيد بالتعليق لأن المشتري بالخيار لو كان ذا رحم محرم من المبيع فإنه لا يعتق عليه إلا بمضي المدة عند الإمام لعدم الملك فإنه لم يوجد منه تكلمه بالاعتاق بعد الشراء بشرط الخيار حتى سقط خياره، وإنما يعتق على القريب بحكم الملك ولا ملك للمشتري بالخيار، والشارع إنما علق عتقه بالملك لا بالشراء، أما هنا فالايجاب المعلق صار منجزا عند الشرط وصار قائلا أنت حر فينفسخ الخيار ضرورة، كذا في فتح القدير. وفي الذخيرة: إذا قال إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه لغيره هل تنحل يمينه؟ لم يذكر محمد هذه المسألة في شئ من الكتب وحكي عن الفقيه أبي بكر البلخي أنه قال: لقائل أن يقول تنحل يمينه ولقائل أن يقول لا تنحل وهو الأشبه لأنه إنما يراد بمثل هذه اليمين عرفا لشراء لنفسه لا الشراء لغيره لأن العتق من جهة الحالف لا يقع إلا بالشراء لنفسه وصار تقدير المسألة كأنه قال إن اشتريتك لنفسي فأنت حر، ولو صرح بذلك واشتراه لغيره لا تنحل يمينه فكذا هذا.
(٥٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 ... » »»
الفهرست